أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 130 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 130 زائر لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 262 بتاريخ الأربعاء أكتوبر 30, 2024 4:10 pm |
تدفق ال | |
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 403 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو خواص سعيد فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 11422 مساهمة في هذا المنتدى في 2217 موضوع
|
|
| أحسنُ ما أنزلَ في قصَة طالوتَ وجالوت, وقتلَ داوود جالوت: تفسير الشيخ الحجاري الرميثي | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الشيخ الحجاري الرميثي مبدع فعال
عدد الرسائل : 61 العمر : 68 السٌّمعَة : 0 نقاط : 159 تاريخ التسجيل : 28/02/2009
| موضوع: أحسنُ ما أنزلَ في قصَة طالوتَ وجالوت, وقتلَ داوود جالوت: تفسير الشيخ الحجاري الرميثي الجمعة سبتمبر 23, 2011 10:24 pm | |
| (سُورَةُ البَقرَة تَفسِير قِصَة طالُوتَ وَجالُوتَ) أَلَمْ تَـرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَـنَا مَلِـكاً نُقَاتِـلْ فِي سَـبِيلِ اللَّهِ قَـالَ هَـلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِـبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلـُوا قَالـُوا وَمَـا لَـنَا أَلَّا نـُقَاتِلَ فِي سَـبِيلِ اللَّهِ وَقَـدْ أُخْرِجْـنَا مِـنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَـهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَـمْ يُـؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِـعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَـةَ مُلْكِـهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيـهِ سَكِينَـةٌ مِـنْ رَبِّكُـمْ وَبَقِيَّـةٌ مِمَّا تَـرَكَ آلُ مُـوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) (أَلَمْ تَـرَ إِلَى الْمَلأِ) هـذِهِ الآياتُ الكَريمَةُ نَزَلتْ فِي قِصَّةِ طالُوتَ وَجالُوتَ وَداوُود, فَأخبَرَ اللهُ تَعالى عَنها رَسُولَهُ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ: يَعنِي, ألَـمْ تَـرَ يا مُحَمد إلى أشْـرافِ القـَوْمِ (مِـنْ بَنِـي إِسْرائـِيلَ) قـَدْ حاطـُوا حَـوْلَكَ يُرِيدُونَ التَحَدِثُ مَعَكَ بِمّا أَنْزَلناهُ عَليْكَ مِـنَ البَيناتِ بِحَـقِّ نَبِيِّهم صَمْؤيل الذِي جاءَهُم مِـنْ بَعـدِ مُوسى حِينَ طَلَبُـوا أسْلافَهُم مِنْهُ أنْ يُوَّلِي عَلَيهِم مَلِكاً بَعدَ تَفَرقِهِم لِيَجْتَمِعُونَ تَحتَ قِيادِتِهِ, وَيَقُودَهُم تَحتَ لِواءِهِ يُقاتِلـُونَ أعداءَهُم فِي قَََوْمِ جالُوتَ الطاغِيَة, فَسُمُّوا مَلأ لأنَ هَيبَتَهُم تَمْلأُ الصِدُورَ وَالعِيُونَ فـَرَحاً وَبَـهاءً,, وَهُـم مَلِئُـونَ فِيمّا يَزْعَمُـونَ أنَ بِأيْـدِيَهُم دَلائِـلٌ يُريدُونَ أنْ يَسْنِدُونَها إلَيكَ مِنَ عِلُومٍ فاحذَرَهُم فإنَهُم الشَياطِينُ لَمْ يَتَبِعُوا أثـَرَ الأنْبياءِ وَالمُرسَلِينَ بِتَزييفِهِم عَلى الإنْكارِ وَالجِحُودِ لِرسالاتِهِم وَاللهُ يَعلَمُ بِهِم وَسَيَجْزيهُم جَـزاءَ الظالِمِينَ بِمّا كانـُوا يَكْذبُون, وَلكِنْ (مِنْ بَعْـدِ مُوسَى) غَزاهُم جالُوتَ عِنْوَةً وَأخْرَجَهُم عَنْ دِيارِهِم وَسَبيَّ الأهْلِ, وَأسَرَ الأوْلاد, وَضَرَبَ عَليْهِم الجِزيَةَ,, (إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) وَهُـوَ صَمْؤيل, حِينَ اشْتَـدَّ عَليْهم الأمْـرُ مِـنْ جالُوتَ (ابْعَـثْ لَنَا مَلِكاً) نَكُونُ تَحتَ أمْرَتِـهِ لاَ نـُفَرق بَيْنَكَ وَبَينَهُ فِي شَيءٍ عَسى أنْ يَجْمَعَ اللهُ تَعالى شَمْلَنا وَيَقُودَنا تَحتَ لِوائِهِ لاسْتِردادِ عِزتِنا (نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللـَّهِ) كَوْنِنا هُجِرْنا مِنْ دِيارِنا لِنَسْتَردَ كَرامَتِنا, وَلكِنْ كانَت أمْنِيَتَهُم لِلقِتالِ لاّ لأجْلِ السَبيل وَإنَما مَرْجُوَةً مِنهُم ظاهِرَةٌ فِي حالِهِم السَيئ,, (قَالَ) نَبِيَهُم صَمْؤيل (هَـلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا) يَعنِي هَـلْ الأمْـرُ وَشِدَّتـُهُ كَمّا أتَوَقعَـهُ مِنكُم إنَكُـم مصِّرُونَ حَـقاً عَلى القِتالِ, أمْ تَجْبنُونَ لأنَنِي أرى الاسْتِفهامُ لِتَقريرَكُم المَوَقََع فِي القِتالِ فَإنَهُ كائِنٌ عَلى الكِذبِ, أوَليْسَ الحِجَة لـَوْ كُتِـبَ عَلَيْكُم الْقِتَالُ مِـنَ اللـَّهِ سَتِجبُونَ بـِهِ مِـنْ قلُوبِكُم (قَالـُوا وَمَا لَـنَا أَلَّا نـُقَاتِلَ فِي سَـبِيلِ اللـَّهِ وَقَـدْ أُخْرِجْنَا مِـنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا) أيْ: نَسَّبُـوا الإخْراجَ إلى الأبْـناءِ وَالدِيارِ التِي هِيَّ سَبَبُ مَنْعَهُم مِنَ التَصَرفِ وَالتَمَتُعِ فِيها فَتَحَقَقت تِلكَ الأمانِي الكاذبَةِ وَالآراءُ الفاسِدَةِ بِمّا أوْدَعُوها بأنفُسِهِم بأنَهُم صادِقونَ عَلى القِتالِ فِي سَبيلِ اللهِ,, فَأجابَ اللهُ رَغبَتَهُم عَلى أمانِيِهم وَفرَضَ عَليْهُم القِتالِ لِمقاتَلَةِ جالُوتَ, وَهُوَ كُلُّ مَا أَمَرَ اللهُ بهِ مِنَ الخَّيْرِ فهُوَ مِنْ سَبيلِهِ, وَمِنَ الطُّرُقِ التِي تـُؤدِي إِلَيهِ،, وَاسْتُعمِلَ السَّبيلُ فِي الجِهادِ أَكْثرُ لأَنَهُ السَّبيلُ الذِي يُقاتِلُونَ فِيهِ عَلى عَقدِ الدِيـن، حَتى وَإنْ أُريـدَ بـه غَـزْوَّ عَـدِوٍّ كافِـرٍ وَلاّ يَجِدُونَ دُونـَهُ ما يُبَلِّغُهُم مَغْزاهُم (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا) مُدْبرينَ وَهُم الشُعبَةُ الثالِثَة الذِينَ كَرَعُوا مِنَ النَهْرِ,, وَالمُرادُ مِنْ مَعنى (كُتِبَ عَلَيْهِمُ) الكِتابَةُ تَـدِلُ عَلى بَـيانِ الأمْرِ, وَالفَرْضِ وَالحُكْمِ, وَالقَدَرِ فِي القِتالِ, وَإنْ كانَ هُـوَ كُـرْهٌ لَهُم, وَالكُـرْهُ هُـوَ المَشَقةُ التِي يَدرُكُها الإنسانَ مِنْ نَفسِهِ, لأنَّ الحَرْبَ مَهْمّا يُتفَاءَلُ بِها وَتـُكْرَه لِمّا فِيها مِنَ القَتلِ وَالشَرِّ وَالأذَى, وَلكِنَها عِندَ اللـِّهِ صَوْناً لِمَقامِها عَـنْ هَتكِ المُؤمِنِينَ فَيَتَضَمَنُ مِن خِلالِها الأمْنُ وَالرَفاهِيَةُ, وَفِيها قالَ اللهُ عَزَّ وَجَل (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) تُقاتِل: وَهِيَّ الشِعبَةُ الثالِثة الذِينَ لَـمْ يَشرَبُوا مِـنَ النَهْـرِ فِيمّا اختَبَرَهُم اللهُ فِيهِ يُقاتِلُونَ فِي سَبيلِهِ وَهُم نِصْفُ ربْع العُشْر, فََتِكْرارُ كَلِمَة القِـتال فِـي الآيـاتِ عَسى أنْ تَفـِيدُ لِتَنبيه كَـوْن المُؤمِـنِينَ كارهِـينَ لِلحَربِ وَمُحِبِّينَ لِلسِلْمِ,, وَالمُرادُ مِنْ مَعنى القِتالِ: فلاّ عِبْرَةٌ لِكِرهِكُم وَحبِكُم فإنَهُمَا خاطِئانِ بِحُكْمِ الواقِعِ الشَرعِي لأنَ الحَربَ عِـندَ اللـَّهِ تَعالى صَـوْناً لِمَقامِها عَـنْ هَتكِكُـم وَبِقَتلِ المُشْركِينَ فإنَ شِركَهُم باللـَّهِ أشَـدُ قُُبْحاً مِنَ القَتلِ, كَمّا أنَ بَقاءَهُم فِتنَةٌ عَليْكُم بالتَخْويفِ وَالإيْـذاءِ أصْعـَبَ مِنَ القَتلِ, فـَلاّ تَسْتَعظِمُوا قِتالَهُم لأنَ فِي قََتلِهِم تَسْتَقرُ الحَياةَ الدُنيا مِنْ شَرِهِم, وَفِي الفِتنَةِ انْهِدامُ الدارينِ الأوْلى وَالآخِرَةِ وَالآيَة دالَّةٌ بِمّا تُشِير (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أيْ: بَعدَمّا أوْحى اللهُ لِرَسُولِهِ مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ: إنَهُم لَكاذِبُونَ سَيَتَولُونَ عَنْ قِتالِكَ كَمَا تَولُوا عَنْ طالُوتَ حِينَمَا أرهَبَهُم جَيشُ جالُوت, وَاللهُ عَلِيمٌ أيْ, وَعِيدٌ لَهُم عَلى ظُلْمِهِم بالتَوَّلِي عَنْ القِتالِ, وَتَركِ الجِهاد, وَإنكارِهِم بأقوالِهِم, وَأفعالِهِم بالكِذبِ, فأنَزَلَ اللـَّهُ الذِكْـر الحَكِيم عَلى بَنِّـي إسْرائِيلَ (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) صَمْؤيل: هذِهِ الآيَة اختَلفَ فِيها المُفسِرُونََ: فَقِيلَ الذِي جاءَ لِبَنِي إسْرائِيلَ نـَبِّياً مِـنْ بَعـدِ مُوسى هُـوَ يُوشَعُ بنَ نـُون إفراثِيم بـنَ يُوسُف بنَ يَعقُوب عَليْهُما السَلام هُوَ ابنُ أخِت مُوسى وَقِيلَ هُوَ شَمْعُون بـنَ صعبَة بنَ عَلقمَةَ مِن وَلـَدِ لاوِّى بـنَ يَعقوب، وَقِـيلَ إشْموِّيل بـنَ بـال وَقِـيلَ ابنُ حَنَة بنَ العافِر وَهُـوَ إسْماعِيل بالعِبْرانِيَة,, وَكُلُ هـذِهِ الأسْماءَ بَيْنَها وَبَيْنَ طالُوتَ وَداوُد قِرُوناً كَذلِكَ صَمْؤيل, وَاللهُ العالِمُ مَنْ هُوَ نَبِيَهُم فِي ذيْلِ الآيَة,, فَطَلَبُوا مِنْ نَبِيِِّهِم صَمْؤيل أنْ يَختارَ لَهُم مَلِكاً قوِّيُ الإرادَةِ, يَتَألَفونَ تَحتَ رايَتِهِ, وَيَجمَعُونَ أمْرَهُـم تَحتَ قِيادَتِهِ لَعَلَهُم بـِهِ يَنتَصِرُونَ عَلى أعدائِهِم فقالَ: لَهُم نَبيَّهُم دَعُونِي أسْتَخِيرُ رَبـِّي فِي أمْرِكُـم, وَأسْتَوحِه فِي شَأنِكُـم فَاسْتَخارَ اللـَّهُ فِيْمَنْ يَصلَح أمْرَهُـم, وَيُدِيـر شِؤُونَهم, فأوْحى اللـَّهُ تَعالى (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) صَمْؤيلُ الذِي هُـوَ مِـنْ بَعـدِ مُوسى لِبَني إسْرائِيلَ ( إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ) نَبِّياً وَهُوَ مِن سَلالِةِ بِنيامِينَ ابنَ نَبِّي الله يَعقوب التَقِي فَنَصَّبَهُ اللهَ (مَلِكاً) عَليْكُم, فاعتَرَضَ كِبارُ بَنِّي إسْرائِيلَ عَلى اخْتِيارِ اللهِ لِطالُوتَ, قائِلِينَ كَيْفَ يَكُون مَلِكاً عَليْنا وَنَحنُ أوْلى مِنهُ,, وَهذا دَأبَهُم فِي رَفْضِ أوامْرِ اللهِ وَامْتِراءَهُم عَلى الحَقِّ فِي كِتمانِهِ وَهُم يَعلَمُونَ فِيْمّا (قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا) أيْ: كَيْفَ يَكُونُ طالُوتَ مَلِكاً عَليْنا وَهُوَ في النَسََّبِ غَيرُ عَريقٍ وَبالجُودِ غَيرُ كَريمٍ,, وَإنَ اللـَّهَ يَعلَمُ إنـَهُ لَيْسَ مِنْ فِرْعِ لاوِّي بنَ يَعقوب التَقِي, وَلاّ مِنْ غِصْنِ يَهُوذا أكْبَـرُ أوْلادَ يَعقوب ذُو مَعدَن الِرِياسَة وَالحُكْم (وَنَحْنُ) سُلالةُ لاوِّي بن يَعقوب مِنْ النَبيِّ إسْحاق (أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) فِي بَيْتِ النُبُوةِ,, هكَذا كانوا بََنُو إسْرائِيلَ يُعَبِرُونَ إنَ بَيْتَ النُبُوَةَ وَالمُلْك عِندَهُم أحَـقُّ مِـنْ هذينِ البَيتَينِ, يَقصِدُونَ الفِقـْر بسِلالَةِ يُوسُفَ وَأخِيهِ بِنيامِينَ, وَقالُوا إنَ اللهَ جَعَلَ النُبُوَةَ وَالمُلْك فِينا فَكَيْفَ يَقبْل الانتِقالُ بالمُلْكِ لِطالُوتَ (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِـنَ الْمَالِ) وَزَعَمُوا أنَ لابُـدَّ لِلمَلِكِ مِنَ المالِ أنْ يَتَعاضَدَ بـِهِ فَيَكُونُ مَلِكاً على الناسِ بِمالِهِ, فأنْكَرُوا عَلى طالُوتَ تَمَلِكَهِ لِسِقوطِ نَسَبهِ وَفُقـْرِه فَلَّمّا التَقتْ عَيْنا طالُوتَ بِصَمؤيْل فَتَعارَفَت أرواحَهُمَا, وَاتَصَّلَت نفُوسُهُمَا وَوَقعَ فِي قَلْبِ صَمْؤيل إنَ هذا الشابَ الفَقِيرُ قَـَدْ أوْحى اللهُ تَعالى بِتَمَلِيكِهِ بَنِّي إسْرائِيلَ, فالتَفتَ صَمْؤيلُ إلى طالُوتَ وَقالَ لَهُ إنِي أدعُوكَ لأمْرٍ أجَّلَ خَطَراً, وَأعظَّمَ مِقداراً, فإنَ اللـَّهَ اخْتارَكَ عَلى بَنِّي إسْرائِيلَ مَلِـكاً لِتَرعى شِؤُونَهُم, وَتَنصِرَهُم في مَواطِنِ قَـَدْ هُلِكُـوا بِها, وَإنَ اللـَّهَ يَنصِرُكُم عَلى أعدائِكُم,, قالَ طالُوتَ لِنَبِيهِم مَا أنـّا وَالمُلْكُ وَالسُلطان, وَأنا إلاّ مِنْ أبناءِ سُلالَةِ بِنيامِينَ بـنَ يَعقوب أخْمَلُ الأسْباطَ ذِكْـراً, وَأضْعَفَهُم قََـَدْراً, وَأقَلَهُم مالاً, فَكَيْفَ أصِيرُ إلى المُلْكِ وَأمْسِكُ بِحِبالِ السِلطان وَأنا خَرجْتُ مَعَ هذا الغُلام اليَتِيم أُعِينَهُ فِي رَعيِّ الأغنام كَسْباً لِعيالِي, قالَ صَمْويلُ هذِهِ إرادَةُ الله وَوَحيَهُ وَأمْرَهُ أنْ يَهـِبَ لَكَ المُلْك فأخَـذَ بِيَـدِهِ: وَ (قَـالَ) صَمْؤيلُ لِبَنِي إسْرائِيلَ إنَ المَعايِّيرَ التِي تَقِيسُونَ بِها المالُ مَرفوضَةٌ عِندَ اللهِ وَلاّ قِيمَةَ لَها فِي اختِيارِ قََدْرِ الحاكِم, إنَ زعامَةَ الجَيْشُ وَرئاسَة المُلْك لا يَحتاجان إلى نَسَبٍ, وَلاّ غِـناءِ المال الذِي يُخْلِف العِقـُول, وَبِهذا (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ) أي: اختارَهُ حاكِماً عَليْكُم وَناصِراً إلَيْكُم لِتوافِرِ صِفاتِ القِيادَةِ فِيهِ مِنْ سِـعَةِ الخِبْرَةِ بِشِئُونِ الحَربِ عَلى جالـُوتَ,, فاختِيارَهُ اللـَّه بَعـدَ أخْـذِ خَلاصَة الحَقّ وَصَفوَتَهُ بِمَا تَحَقَقَ مِنْْهُ مَعنى العِبُودِيَة,, وَهذا طالَوت فَضَّلَهُ اللـَّهُ عَليْكُم لِمَا فِيهِ مِنَ الكِفايَةِ وَالعِنايَةِ وَالقـُدرَةِ فِي الرِياسَةِ وَالسُلْطان (وَزَادَهُ بَسْطَةً) أيْ: فِيمَا رَزَقَهُ اللهَ تَعالى مِنْ مَواهِبِ الزَعامَةِ بالرياسَةِ وَالمُلْكِ, فإنَ اللّهَ هُوَ الباسِطُ الذِي يَبْسُطُ الرِزقَ لِعِبادِهِ وَيَوسَّعَهُ عَليهِم بجُودِهِ وَرَحمَتِهِ, ويَبْسُطُ الأَرواحَ فِي الأَجْسادِ عندَ الحَياةِ سِعَةً وَقُوَّةً وَقَدراً (فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) فلاّ يَتُم المُلْك إلاّ بِطالُوتَ لاسْتِقرارِ السِلْطَةِ, وَلِتَجتَمِعِ الأُمَةَِ تَحتَ إدارَةٍ واحِدَةٍ, وَلاَ تَتِم هذِهِ الإدارَة إلاّ بالعِلم بِمَصالِحِ تَفَقِه الناسِ عَـنْ مَفاسِدِها, وَبالقِدرَةِ الجِسْمِيَة هُـوَ أعظَمُ مَا فِي النِفـُوسِ فِي بَنِي إسْرائِيلَ, وَأقوى عَلى مُكابَـدَةِ الحِرُوبِ, بِصُلْبْهِ العَضْل المَتِين العَصَب العَريض الألْواح,, وَكُلُّ هـذا وَسَّعَهُ اللـَّه اسْتِعداداً فِطْرياً وَمَيْلاً لِلحَرْبِ غَرَزِياًً, فَهُوَ رَحْبُ الذِراعِ, طَوِّيلُ الباعِ, شَدِيدُ الأمْرِ,, هذا هُوَ طالوتُ الذِي أوْحى اللـَّهُ إليهِ بِتَمَلِكِهِ, وَآذَنَهُ عَليْكُم أنْ يَحْمِلَ الزَعامَةَ وَالمُلْك (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ) فالمُلكُ للهِ وَحدَهُ لَيْسَ لأحَدٍ فِيهِ وَهُوَ نَصْبٌ إلاّ مّا أعطى الله مِنهُ أيْ هُوَ اللهُ المالِكُ لِجَميعِ الأشْياءِ التِي خَلقَها فَلَهُ التََصِرف فِيها حَيثمّا يَشاءُ عَلى وَجْهِ الاسْتدلالِ بالعَطاءِ لِعِبادِهِ, لَيْسَ لأَحدٍ يَمنَعهُ كَونَهُ سُبْحانَهُ الواسِعُ القِدرةَ (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) الواسِعُ هُوَ اللهُ الذِي وَسِعَ رِزْقـَهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ, ووَسِعَتْ رَحمتُهُ كُلَّ شَيءٍ, وَغِناهُ كُلَّ فَقِيرٍ,, يَعنِي: إنَ رَبَّكُم واسِعُ المُلْك وَالإحاطَةِ مِنْ كُـلِّ جانِبٍ, وَليْسَ هُـوَ كالمَخلُوقِ الذِي لاَ يَتمُ التَوَجُه إليهِ إلاّ مِنْ جانِـبٍ واحِـدٍ,, فأينَ ما تـُوَّلُوا وجُوهَكُم أنتـُم جِهَة اللـَّه تَعالى, وَهُـوَ الكَثِيرُ العَطاءِ الذِي يَسَعُ لِمّا يُسْأَل وَيَعطِي لِمَنْ يَطلـُب, عَلِيـمٌ بِكُـم بِمَا تَفعَلـُونَ, وَهُـوَ المُحِيطُ عِلْمُـهُ بجَميعِ الأشْياءِ ظاهِرِها وَباطِنِها دَقِيقِها وَجَلِيلِها عَلى أتَمِّ الإمْكانِ,, قالُوا يا صَمْؤيلُ فَمّا هِيَّ آيَةُ مُلْكِ طالُوتَ عَليْنا (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ) صَمْؤيلُ إنَ دِلِيلَ صِدقِي باللـَّهِ عَلى ( إِنَّ آيَـةَ مُلْكِهِ ) لِطالُوتَ (أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) لِيُعِيدَ لَكُم صَندُوق التَوراة الذِي سُلِبَ مِنكُم مِنْ قَبل سَوْفَ تَجِدُونَهُ تَحمِلُهُ المَلائِكَةُ وَفِيهِ آثارُ آلِ مُوسى وَآلِ هارُونَ وَهُوَ مِنَ التَوْبِ فَسُمِّيَ التابُوت بِمَعنى الرِجُوع إليهِ يَنفَعَكُم إلى إتباعِ طالُوتَ وَالرِضا بهِ إنْ كُنتُم تَذعَنُونَ لِلحَقِّ وَتـُؤمِنُونَ بـِهِ, وَهُـوَ نِعمَةٌ مِـنْ نِعَّـمِ اللـَّهِ عَلَيْكُم, يَحمِلُ فِيـهِ ألْـواح النَبِّي مُوسى مّا تَرَكَها لَكُم, فَإذا اشْتَبَكْتـُم مَعَ أعدائِكُم أُلقـُوا ذلِكَ التابُوت فِي ساحَةِ الوَغى بَيْنَ صِفُوفِكُم فَيَنْشُر فِي قِلُوبِكُم سَكِينَةً وَاطَمِئناناً وَأنتُـم تَنظِرُونَ بِمَا يَبْعَثُ اللـَّهَ فِي أعدائِكُم هَلْعاً وَفـَزَعاً لِسِرِّ عَجِيبٍ فِيـهِ أخَصَهُ اللـَّه (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) بَلْ: فِي التابُوتِ مَا تَطمَئِنـُونَ إليهِ هُـوَ كُتابُ التَوراة مِنَ السَكِينَةِ مِمَا تَسْكِنُونَ إلَيهِ, وَهُوَ لَكُم مِنْ مَراتِبِ كَمالِ الإيْمانِ (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ) وَهُم سُلالةِ مُوسى الخَاصَةُ مِنْ أهْلِـهِ وَهارُونَ قَـدْ تـُرِكا لَكُم التابُوتَ, فِـيهِ نِسْخَـةٌ الألـْواحِ التِي جاءَ بِها مُوسى حِينَ سارَ إلى مِقاتِ رَبـهِ مِنْ طـُورِ سَيْناءَ حِينَ كَلَمَهُ رَبَّـهُ الكَريم وَقَرَبهُ وَأدناهُ إليهِ حَتى سَرَت فِي نَفسِهِ رَوعَةٌ هَزَتْ فؤادَهُ بِنـُورِ الشَوْقِ (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) فَهَبَطَ التابُوت المُقـَدَس بَيْنَ يَـدَيْ طالُوتَ, وَهُـوَ كِتابُ التَوراةِ تـُقربُهُ المَلائِكةُ, فِيهِ الألْواح وَسايِـرِ عِلـُومِ الأنبياءِ, وَشَعَرَ بَنـُو إسْرائِيلَ بالسَكِينَةِ تَمْلأَ قلوبَهُم,, إنزِل تَحَت وَأكْمِل قِراءَة التَفسِير | |
| | | الشيخ الحجاري الرميثي مبدع فعال
عدد الرسائل : 61 العمر : 68 السٌّمعَة : 0 نقاط : 159 تاريخ التسجيل : 28/02/2009
| موضوع: أحسنُ ما أنزلَ في قصَة طالوتَ وجالوت, وقتلَ داوود جالوت: تفسير الشيخ الحجاري الرميثي الجمعة سبتمبر 23, 2011 10:29 pm | |
| (2)(تابِعٌ لِتَفسِيرِ قصَة طالُوتَ وَجالُوت)وَالمُرادُ مِنْ مَعنى جُمْلَة الآيَة ما تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ: كانَ التابُوتُ يَدُورُ في بَنِّي إسْرائِيلَ حَيثُمّا دارَ المِلْكُ بِهِم,, فَرَفَعَهُ اللـَّه إلى السَماءِ بَعـد مُوسى حِينَ اسْتَخَفوا بِهِ فِي حَياتِهِ وبَعدَ مَماتِهِ ذلِكَ حَذراً مِنَ تَزوِّيرهِ,, ثمَ لَّمَا بَعثَ اللـَّهُ طالُوتَ أُنـْزَلَ إليهِم التَوراة تَحْمِلُهُ المَلائِكَة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي: إنَها بَيناتٌ لِمَنْ آمَنَ, وَعِبـْرَةٌ وَإنذارٌ لِمَنْ يَخلُو قَلْبَهُ مِنَ الإيمانِ لَنْ تَصِلَ إليهِ السَكِينَة,, وَلكِن هـذا الأمْرُ مَحذوفٌ بِمّا أكْفرُوا بَنـُو إسْرائِيلَ بالآياتِ البَيِّناتِ عَلى حَـدِّ إنكارِهِم, وَالمَعنى فِيهِ (كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْـداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) أيْ: نَقَضُـوا التَوراةَ وَطرحُوهُ مِنَ النَبذِ, وَهُوَ إلقاءُ البَيِّناتِ وَراءَ ظِهُورِهِم,, وَهـذِهِ طَبيعَةُ اليَهُود الذِينَ لَمْ يَحمِلـُوا الإيمانَ فِي قِلـُوبِهِم, وَلكِـن لَمَّا انحَرَفـُوا عَنْ شَريعَتِهِم, وَنَكَلـُوا أنبِّيائِهِم فِي جِحُودِ رسالاتِهِم سَـلَطَ اللهُ تَعالى عَليْهُم العَرَب فَغَلَبُوهُم عَلى أمْرِهِـم, وَأخرَجُوهُم مِـنْ دِيارِهِم, فانفَصَمَت عِروَتَهُم, وَتَصَّدَعَت حِدَّتَهُـم وَهُـم فِي الذّلِ واقعُونَ, وَفِي الهَـوانِ غارقـُونَ, وَفِي الإيمانِ خاسِرُونَ,, فأعلَنَ طالـُوتَ أمام بَنِّي إسْرائِيلَ ذلِكَ لِيَسْتَعِدَ بِهِـم لِلجِهادِ بِقـَتلِ الطاغِيَةِ جالُوت فَتَناسى بَنُو إسْرائِيلَ العَهْدَ الذِي قَطَعُوه عَلى أنفُسِهِم حِينَ طَلبُوا مِنْ نَبِيِّهِم صمْؤيل أنْ يَبْعَـثَ اللـَّهُ لهُم مَلِـكاً لِيقاتِلـُونَ مَعَهُ فِي سَبيلِ اللـَّهِ (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ) أيْ خَرجَ بِجِنُودِهِ مِنْ بَيْتِ المَقدِسِ لِمُحارَبةِ العَمالِقةِ وَهُـم قـَوْمُ جالُوت, قالَ لِقوْمِهِ (إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ) يَعنِي: إنَ اللـَّهَ تَعالى مُخْتَبِرَكُم بإرادَتِهِ بِضَبْطِ الشَهـَواتِ وَالمُحَرماتِ لِيُحَذرَكُم,, وَمَعناهُ سَتبْلَغـُونَ نَهْـراً فِي طَريقِكُم, وَهُوَ امْتِحاناً لَكُم, فَمَنْ كانَ صابِراً مُحْتَسِباً فلاّ يَشرَبَ أحَدَكُم مِـنهُ إلاّ بِمِقـدارِ غـرفَةٍ ما يُـبَرد بِها كَبِْدَهُ, وَاللـَّهُ أعلَـمُ بأمْرِكُم مَنْ يَنقَلِب عَلى عَقبَيهِ (بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَـمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) فإنَ النَهْرَ هُوَ امْتِحانٌ لَكُم لِمَنْ ثَبَتَ إيمانَهُ وَلِمَنْ يَنقلِب عَلى عَقبَيهِ فإنَهُ لَيْسَ مِنـِّي فِي حِزبِ اللـَّهِ: وَهُم الطائِفَةُ الأولى مِنْ قوْمِ طالُوتَ لَمْ يَشرَبُوا مِنهُ المُؤمِنُونَ الصابِرُونَ المُجاهِدُونَ, وَأطْلِقَ عَلَيْهِم الفِئَةَ القلِيلَة,, (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) مِنَ النَهْرِ, وَقَد اغْتَرَفُوا غُرْفَةً بأيَدِيهِم وَهُم الفِئَةُ الثانِيَة وَيُطلَقُ عَليْهِم هُم المُسْلِمِينَ الذِينَ أضَّعفُ الإيمان,, وَالغِرَفَةُ هِيَّ رِخْصَّةٌ مِنَ اللهِ لِبنِّي إسْرائِيلَ فِي الأخْذِ مِنَ الماءِ باليَدِ دُونَ الكَرْعِ, فَجَعَلَ اللهُ تَعالى اختِبارَهُم بَيْنَ الغرفَةِ وَالكَرْعِ (فَشَرِبُوا مِنْهُ) أيْ كَرَعُـوا وَهُيَّ الطائِفـَة الثالِثـَة الضالَّـة الباغِيَـة مِـن بَنِّـي إسْرائِيلَ الذِيـنَ نَقَضُوا مَواثِيقَ اللهِ, وَمِنْ ثـُمَ تَولـُوا عَـنْ القِتالِ, فأصْبَحَ الجَيشُ مُتَفـَرِقاً مِنْ ضِعافِ العَزيمَةِ (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) وَهُم الفِئَِةُ القِلِيلَةُ الصابِرَةُ المُجاهِدَةُ لَمْ يَشرَبُوا,, (فَلَمَّا جَاوَزَهُ) أيْ النَهْرُ بَعدَ أنْ أرْهَبَهُم جَيْشُ جالُوتَ لَمَحُوا مِنْ أعدائِهِم رِجالاً عَمالقَةٌ أشْداءُ, وَجالُوتَ كَبْشُ كَتِبِتِهِم يَصُولُ بَينَهُم وَيَجُول لِقِتالِهِم فَعِندَئِذٍ انقَسَمَ أصْحابُ طالـُوتَ شُعبَتينِ, شِعبَـةٌ (هُـوَ وَالَّذِينَ آمَنـُوا مَعَهُ) صابِرينَ صامِدِينَ, عامِرَةٌ قلُوبَهُم بالإيمانٍ, فَقالُوا لِطالُوتَ امْضِ لِشَأنِكَ وَسِّرْ فِي سَبِيلِكَ الذِي رَسَمَهُ اللـَّهُ لكَ وَإنا مَعكَ لا تَخْذَل مِنْ قِـلَّتِنا إنَ اللهَ مَعَ الصابِرينَ وَشِعبَةٌ وَهِيَّ الفِئَةُ الباغِيَة (قَالُوا لاطَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) بِحَربٍ فِيها المَوْت, بَعدَمّا أجِيبُـوا إلى مَا ضَمَنـُوهُ مِـنْ أنفـُسِهِم لِيُقاتِلُونَ أعداءَهُـم,, رَكَنـُوا إلى التَكاسِلِ, وَعرَّجُـوا فـي طـُرقِ التَجـادِلِ وَالتَغافِلِ لِجُبْنِهِم بَعدَ أنْ أرهَبَهُم قَِوَةَ عَدُوِهِم,, فَوَلـُوا هاربينَ مَذعُورينَ قالُوا لاّ طاقَةَ لَنا عَلى الحَربِ فعَرَفُوا المَوْتَ قََبْلُ أنْ يَعرِفَهُم وَلكِنَ المَوْت مُحِيطٌ بِهِم وَهُم لاَ يَشعِرُون,, (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو الله) الظَّنُّ فِي مَصدَرانِ شَكٌ وَيَقِين فَظَنَهُم لَيْسَ بيَقِينِ عِيانٍ, إنمّا هُوَ يَقِينُ تَدَبُـرٍ، فأَمَا يَقِـينُ العِيَانِ فَلاّ يُقال فِيهِ إلاَّ عِلْمٌ وَهُوَ اسْمٌ وَمَصْدرٌ بِصِدقِ إيمانِهِم وَهُوَ كَنايَةٌ عَنْ الخِشُوعِ للهِ تَعالى بِمَا صَبَرُوا عَلى مَشَقَةِ نارِ الوَطِيس حَتى قالُوا لِطالُوتَ (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) فالنَصْرُ هُوَ مِنَ اللهِ وَلاَ ناصِرَ إلاّ هُوَ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ العَزيزُ الذِي يَمْهِلُ الأعداءَ وَيُمْليَِّ لَهُم لِيَزْدادُوا إثماً لِطغيانِهٍِم, إنَهُ هُـوَ اللـَّهُ الغالِبُ الذِي لاَ يُغلَب بَعـدَ إمهالِهِم لِيُزيدَهُم قُوَةً عَلى وَجْهِ الأمْلِ بالمَوْتِ وَالعَذابِ وَلِبئْسَ المَصِير,, (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِيـنَ) الذِيـنَ خَرَجُـوا لِساحَتِـهِ تَـعالى, وَعِتادَهُـم الصَـبرُ وَزادَهُم التَقوى وَالإيمان, فألئِكَ الذِيـنَ طَلَبُـوا مِـنَ اللـَّهِ أنَ يُفـَرِغَ عَليْهِم صَبْراً وَيسْبِغَ عَليهِم نَصْـراً فأنهُم مَا خَرَجُوا إلاّ جِهاداً فِي سَبيلِهِ, وَطلَباً لِمَرضاتِهِ (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) الذِينَ أخرَجُونا مِنْ دِيارِنا, وَنَحْنُ نَشْكُو إليكَ قِلَةََ عَدَدِنا, وَأنتَ أعلَمُ بمّا فِي قِلوبِنا حبُنا إليْكَ وَاسْتعدادُنا لِلمَوْتِ دُونَكَ, لَمْ تُزَعزِعُنا كِثرَةُ أعدائِنا (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) فالتَقى الجَمْعان بَرَزَ إليهِم جالُوتَ الطاغِيَة يَدعُـو لِلمُبارزَةِ, فَوَقَفـُوا قََـَوْمُ طالـُوتَ أمامَهُ وَبِقلَةِ عَدَدِهِم بَـيْنَ مُتَقاعِسٍ وَمُتَراجِعٍ, وَلكِن إرادَةُ اللـَّه لـَمْ تَشاء أنْ يَنتَصِرُوا عَلَيْهِ لِحْكَمَةٍ جَعَلَها لِهذا الطاغَيَة أنْ يُقتلَ على يَـدِ غُلامٍ, وَكانَ الغُلامُ هُوَ داوودُ الذِي لَمْ يُشاركَهُم حَرْباً لِحَداثَةِ سِنِهِ, وَلِضُعفِ عُودِهِ,, فَنَظَرَ داوُودَ رَجُلاً عِمْلاقاً, أيْ: طَوِّيلاً وَمَتِيناً يَتَحَدى قَََـَوْم طالُوتَ, فَسألَ طالُوتَ وَقالَ: مَـنْ هـذا الذِي يَقِـفُ أمامَكُم مُتحَدِياً مُتَغطرِساً, وَالشُجْعانُ تَخْشاهُ, فقالَ لَهُ هذا جالوتَ الطاغِيَة فَكَيْفَ لاّ نَنكِص وَنَتَراجَع مِنهُ وَهُوَ مِنْ بَنِّي عِمْلاق, وَأصْلُ العَمالِقة قوْمٌ مِنْ ولْدِ عِمْلِيق بنَ لاوَذ بنَ إرَمَ بنَ سام بنَ نُوحٍ، وَهُم أُمَمٌ جَبابرَةٌ مِن بَقيَةِ قوْمِ عادٍ الذِينَ تَفَرقُوا فِي البلادِ العَربيةِ بالشامِ عَلى عَهْدِ مُوسى بنَ عمْران,, وَقدْ جَعَلَ طالوتَ سَلامُ اللهِ عَليهِ جَزاءً لِمَنْ يَقتُلَ جالُوتَ وَيَقِي المُؤمِنِينَ شَرُّ كَيِْده أنْ يُزَوجَهُ إحْدى بَناتَه وَيُولِيَّهُ المُلْك مِنْ بَعدِهِ,, فثارَت الحَفِيظَةُ فِي نَفـْسِ داوُود, وَهاجَتْ الحَميَة فِي قَلبِـهِ,, فَطلَبَ مِـنْ طالُوتَ أنْ يَأذَنَ لَهُ فِي مُقاتَلَةِ جالُوتَ العِمْلاق الطاغِيَة فاسْتَصْغَرَ طالُوتَ شَأنَهُ لِحَداثَةِ سِنِهِ وَضِعفِ بَدَنِه,, قالَ: داوُود لاَ يا طالُوتَ كَـلاّ لاَ يَخدَعُـكَ أمْـرُكَ مَا تـَراهُ فـي صُغـْرِ سِنِـي وَقماءَةِ بَدَنِي, فَعزَّتْ عَليَّ نَفسِي إلاَ أنْ أبارِزَ عَـدوَّ اللـَّهِ, لَقـَدْ جاشَ فِـي صَدري نارَ الحُنْقِ التِي تَلتَهِبُ فِي فؤادِي أسألُكَ اللـَّه يا طالُوتَ إلاّ أذنْتَ لِي لِمُقاتَلَتِهِ لأنَ العَبْرَةَ بِقتلِهِ بِقوَةِ النَفسِ لاَ بِكُبْرَ السِّنِ, وَبِمَضاءَة العَزْمِ لاَ بِضَخامَةَ الجِسْم فشاءَت قِدرَة الإرادَة فَرأى طالُوتَ الصِدْق فِي لَهْجَتِهِ وَالأمانَةَ وَالعَـزْمَ فِي نِيَتِهِ,, فَقـَدَّمَ طالُوتَ لِداوُودَ ثِـيابَ الحَـربِ وَالِسَيف وَالدِرع فآبى داوُود وَأحتَمَلَ بِيَدِهِ عَصاهُ وَاصْطَحَبَ حِجارَةً مَلْساءُ أخَذَها مِنَ الأرضِ جَعَلَها اللـَّهُ حِجارَةً مِـنْ سِـجِيل كَنسْبَةِ الحِجارَةِ التِي حَمَلَتها الطَيْرُ الأبابيل فِي قََـَتلِ قََـَوْمِ أبْرَهَةَ, وَخَرجَ داوُود مِنْ قوْمِهِ مُتوَجِهاً فِي عَـزْمِ إيمانِهِ, وَصُدقِ يَقِينِهِ, وَالقلـُوبُ نَحوَهُ تَهْفـُو, وَالعِيُـونُ إليهِ تَرِّفـُو فَصاحَ أيِّ مِنكُم جالُوتَ,, فَرأى جالُوتَ خَصْمَهُ المُكافئُ فِي الشِجاعَةِ إنـَهُ غُلاماً غَيْرُ يافِعاً, صَغِيرُ الجِسْم, حَـدَثُ السِّـنِ لا يَحمِلَ سَـيْفاً, وَلاَ يَرتَدِيَ دُرْعاً, وَلاَ يَتَنكَبَ قَـَوْساً فهَزِئَ بـهِ وَاحتَقرَ شَأنَهُ وَقالَ: هَلْ كَرهْتَ يا غُلامُ حَياتُكَ وَسَئَمْتَ عَيْشُكَ فِي مَطْوى صَحِيفَتِكَ, لأجْعَلنَكَ اليَوْم لَحْماً طَرياً لِطيُورِ وَالوحُوشِ,, قالَ داوُود لِجالُوت لَكَ دُرعَكَ وَسَيْفَكَ, أمَا آنا فإني أتَيْتُكَ بسْمِ اللهِ العَزيزِ الذِي لاَ يُغلَب, فاختَنَقَ جالُوتَ مِنهُ حَنَقاً, وَبَرَزَ إليهِ غاضِباً, وَإذا بداوُود مَدَّ يَدَّهُ وَأخرَجَ حِجارَةٌ مَلْساءَ وَوَضَعَها فِي المِقلاعِ وَهُوَ نَبْلَةٌ يَسْتَعمِلُها لِصَيْدِ الطِيُور فَسَدَدَها نَحْوّ جالُوتَ فإذا هُوَ مَشقُوقُ الرَأس مُثخَنُ الجَرْحِ فَخَرَ صَريعاً مَـيِْتاً, وَارتَفَعَت رايَـة النَصْر, وَانكَسَرَتْ شَوْكَة العَدُو, فَنَزَلَ قَولَهُ تَعالى مُخْبِراً رَسُولَهُ مُحَمَد صَلى اللـَّهُ عَليهِ وَآلِهِ: وَقال (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) كَمَنطِقِ الطَـيْرِ وَصُنْع الدِرُوع: كَمَا قالَ اللـَّهُ (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)(سَبأ:10) فانْعَقـَدَ لِداوُود النَصْر بإذنِهِ تَعالى, وَتَمَ لـَهُ الظَفَرُ بِصِدقِ إيمانِهِ وَأمانَتِـهِ فائتَلَفَت عَلى مَحَبَتِـهِ القلـُوب, وَتَواصَلَت لـَهُ أواصِـرُ الإخْلاص, وَأصبَحَ بَيْنَ عَشِيَةٍ وَضُحاها هُوَ حَدِيثُ القوْم, فَعَيَنَهُ اللـَّه عَليْهُم مَلِكاً مَعَ طالُوتَ مُطْلَقُ اليَّدِ مَسْمُوح الكَلِمَةِ, نافِذُ السُلْطانِ وَحَضرَتَهُ مَطْلعَ الجُودِ وَالكَرمِ وَالسَخاءِ وَمَهْوى الوفُود,, فأصْبَحَ عَهْدُ داوُودَ وَسُليْمانَ العَهْـد الذَهَبي لِبَنِّي إسْرائِيلَ, وَهُـوَ الحاكِمُ اليَقظ مُطْلَقُ المَشِيئَةِ, مُطاعٌ فِي كُلِّ أمْرٍ, المَوْلى الفَطِنُ ألأريب,, أمّا طالُوتَ سَلامُ اللهِ عَليهِ: قَد أوْفى بِشَرطِهِ, وَبَرَّ بِعَهْدِهِ لِقَوْمِهِ وَلِداوُود وَقِيلَ إنَهُ زَوَجَهُ ابنَتَهُ, فَتَهَيأَ لِداوُود مِنَ اللهِ فَتحٌ مُبينٌ وَجَعَلَهُ نَبياً,, (وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) في الساعَةِ التِي جاءَهُم بِها داوُود (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) وَهُوَ الفَسادُ الاجْتِماعِيُ الذِي يُسْتَقبَح فِي بِقاعِ الأرضِ فلَوْلاَ رَسْم هذا الجِهاد الكَبير لَبَقِيَّ الفَسادُ وَالمُزاحَمَة وَالمُمانعَةِ عَلى يَـدِّ الجَبابِرَةِ فِي أدِيـمِ الأرضِ إلى يَوْمِنا (وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) ((انتَهى تَفسِيرُ العَلامَة المُحَقِقُ الشَيخ ألحَجاري الرُمَيثي)) وَعَن العلامَة السَيد عبد الله السَيد شُبر يُفسِر لَنا قِصَة طالُوتَ وَجالُوت (أَلَـمْ تَـرَ إِلَى الْمَلأِ) جَماعَة الأشراف ( مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ ) مِـن التَبعِيضِ (مِنْ بَعْـدِ مُوسَى) مِن لِلابتداءِ أي بَعـدَ وفاتِـهِ ( إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ) هُـوَ إسماعيلَ وقيلَ شَمعُون أو يُوشَع ( ابْعَثْ ) سَل اللـَّه أنْ يَبعثَ ( لَنَا مَلِكاً نـُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَـلْ عَسَيْتـُمْ إِنْ كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الْقِتَالُ أَلَّا تـُقَاتِلـُوا قَالـُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نـُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَـدْ أُخْرِجْنَا مِـنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ) لأنَ جالُوتَ والعَمالِقة كانُوا يَسْكنونَ ساحِل البَحرِ مِـن الرُوم بينَ مِصْـرَ وفلسطين فَغَلبُـوا على ديـارِ بَنـي إسرائيلَ وسَبُـوا ذراريهم ( فَلَمَّا كُتِـبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) ثَلاثمائَة وثَلاثة عَشر عـدَدُ أهل بَـدر (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) في تَـركِ القِتالِ وَعيدٌ لَهُم ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى) مِن أيـنَ (يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا) وهُـوَ مِـن وَلـدِ بِنيامينَ, وكانَت النُبوَةَ يَومئِذٍ في أولادِ لاوي والمُلْكُ في وَلدِ يُوسُفَ (وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) وراثَةً ومكانَةً ( وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ) ولابُدَ للمَلكِ مِن المالِ يَتَعضَد بِهِ, قيلَ كانَ سَّقاءً أو دَباغاً فأنكروا تَمَلكه لِسقوطِ نَسَبِهِ وفقـرهِ, فـَردَ عليهُم ( قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ ) اختارَهُ (عَلَيْكُمْ) وهُوَ أعلَمُ بالمَصالِِحِ ( وَزَادَهُ ) ما هُـو أنفعُ مِما ذكَرتُم (بَسْطَةً) سَعةً (فِي الْعِلْمِ) ولا يَتمُ أمـر الرياسَة إلا بـِهِ (وَالْجِسْمِ) إذ لِجَسيمِ أعظم في النِفُوسِ, وأقوى على مُكابَدةِ الحَرب وكانَ إذا مَـدَّ الرَجُلُ القائِم يَـدَهُ نالَ رأسهُ, أو المُرادُ الشجاعَة (وَاللَّهُ) لَـهُ المُلْكُ ( يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) بِمَن يَصلُح لِذلِك ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ ) حِينَ طلبُوا مِنهُ الحِجَةَ على رياسَتِهِ (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) هُوَ اللهُ الذي أنزَلَهُ على مُوسى فَوَضَعتهُ أمُهُ فِيهِ وألقَتهُ في اليَّمِ (فِيهِ سَكِينَةٌ) أمنٌ وطَمأنينةٌ ورويَّ هُوَ ريحٌ مِن الجَنةِ لَها وَجهٌ كَوَجهِ الإنسان ( مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَـرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ) هِيَّ: الألواح وسايـرِ آيات الأنبياء (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) وكانَ التابُوتُ يَدور في بَني إسرائيلَ حَيثما دارَ المُلْك, فرَفعـَهُ اللـَّه إليهِ بَعـدَ مُوسى حِينَ استَخفوا بِهِ,, ثُمَ لَمّا بَعثَ طالُوتَ أنزَلَهُ إليهِم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مِن كلامِ نَبيهِم أو خطابٌ عَن اللهِ تَعالى (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنـُودِ) انفصَلَ بِهـم عَـن بَلـدِهِ ( قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ ) ممْتَحِنَكُم ( بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) مِـن حِـزبِ اللـَّهِ (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) لَم يَذقهُ (فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) استثناءٌ مِـن فَمَن شربَ ( فَشَرِبُـوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) إلا ثلاثمائة وثلاثة عشـر رَجُلاً مِنهُم مَن اغترفَ ومِن هُم مَن لَم يَشرب والذينَ شَربُوا كانُوا ستينَ ألفاً (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ) تَخطى النَهر طالوت (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا) قالَ الذينَ اغترفوا منهُ (لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) لِكثرَتِهِم وقوتِهِم ( قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ ) يَتَيَقنونَ ( أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ ) وهُم الذينَ لَـم يَشربُوا (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) بأمْـرهِ ونصـرهِ ( وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) بالنَصرِ ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) في مَداحِضِ الحَربِ (وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) بذلِكَ وبقاء الرُعب في قلوبِهِم (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ) بنَصرهِ ( وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ) وزَوَجهُ طالوتَ بنتَهُ (وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ) في الأرضِ المُقدسةِ ولَم يَجتَمعوا على مُـلكٍ قَبلَ داوود ( وَالْحِكْمَةَ ) النـُبُوةَ ( وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ) كَمنطقِ الطَـير والسَّرد ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّـاسَ بَعْضَهُـمْ بِبَعْـضٍ ) بِدَفـعِ الهَلاكِ بالبّرِ عَن الفاجِرِ أو بنَصرِ المُسلمينَ على الكُفارِ (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ بِغلبَـةِ المُفسدينَ فـِيها ( وَلَكِنَّ اللَّهَ ذو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِيـنَ ) فـي دينهِـم وَدِيارِهِم,, ((انتهى تفسِيرُ العَلامَة السَيد شُبَر)) | |
| | | ورود المديرة
عدد الرسائل : 4039 السٌّمعَة : 4 نقاط : 4532 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: رد: أحسنُ ما أنزلَ في قصَة طالوتَ وجالوت, وقتلَ داوود جالوت: تفسير الشيخ الحجاري الرميثي الأحد سبتمبر 25, 2011 4:50 pm | |
| اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
بارك الله فيك شيخنا الفاضل على البحث القيم وجزاكـ الله خيرا
ننتظر جديدكـ | |
| | | | أحسنُ ما أنزلَ في قصَة طالوتَ وجالوت, وقتلَ داوود جالوت: تفسير الشيخ الحجاري الرميثي | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |