الشيخ الحجاري الرميثي مبدع فعال
عدد الرسائل : 61 العمر : 68 السٌّمعَة : 0 نقاط : 159 تاريخ التسجيل : 28/02/2009
| موضوع: لبيان الحلقة 43 من قصَة يوسف المعروضة في قناة الكوثر من تفاسير الحجاري الرميثي الأحد مارس 20, 2011 11:23 pm | |
| لِبَيان الحَلقَةُ 43 مِنْ قِصَة يُوسف (ع) المَعروضَة في قَناةِالكَوثَر هِيَ مِن تفاسِير الشَيخُ ألحَجاري الرُمَيثي مِنَ العِراق ((قالَ سَماحَةُ العَلامَة المُحقِقُ المُفَسِرُ للقرآنِ الشَيخُ ألحَجاري الرُمَيثي)) لاوَاللهِ فَاشْهَدُوا إني ما كَتبتُ قِصَةَ يُوسُف الصِديق إلاّ وَتناوَلَّت تأكِيد القرآن عَلى بَصِيرَةِ قَلْبي عَـنْ مُعجزَةٍ اتَخَذَنِي اللهُ بِها عَبداً لَـهُ قبْلَ أن يُعَلِمَنِي مِنها حَرفاً وَكُنتُ لاأمْلِكُ قبْلَه فَعَبَرتُها بمَظهَرٍ مِن مَظاهِرِ ألإعجازِ وَالتَكريم ألإلهِي فـِي صِـنعِِ العَجائـِبِ وَابـْتكارِ المُعجزاتِ المُدهِشَةِ,, وَمّا كَتبتـُها إلاّ بإخـْلاصٍ وَتَعبيـرٍ بلِيغٍ لا أظـنُ إنَها الفريـدَةُ مِـن نَوعِها ليْسَ بأحسَنِ مِنها فَتلَقيتُ بِها عيُوباً مِنَ العائِبينَ الذِينَ نبَذَهُم الدَهر يَدعُونَ أنَهُم أفقَهُ الناس دِيناً وَلكنَهُم لا يَبصِرُون,, ثـُمَ التَفتَ إليهُم الشَيخُ ألحَجاري قائِلاً يا أهْـلَ مدينَتي الرُميثَة السُفهاءُ مِنكُم غَيرُ شُرفائِها: لاوَاللهِ ما قرأتُ عَليكُم هذهِ القُصةَ التي سَّماها اللـَّه بأحسَنِ القَصَصِ إلاّ وأنْ أردتُ أنْ أطَلِعَ عَلى نـَواياكُم السَيئَة بإكراهِكُم لِي بَعدَما تَبيَنَ لكُم كَراهِيَة أولادُ يَعقوب العشرَةَ لأخِيهِم يُوسُف وَإبعادِهِ وَهُم أولادُ أنبياءٍ مِنْ أنبياءٍ؟؟ فكَيفَ والحالُ إذا كُـنّا أولاداً لِلسُفَهاء والمُنافقِينَ لا تـُرافِقـُنا الرِّقَـَة وَالخُلِق الرَفِيع بتَشجيعِ أخِيكُـم الذِي كَتَـبَ لِمذهَبكُم هـذهِ القِصَة الفَريـدَةُ مِـنْ نَوعِها التي هِيَ الآنُ تَعمَل في القَنواتِ الفضائِيَة فَقارُنـُوها فَلِمَن هـذهِ القِصَة وَمِن أيـْنَ أُخذَت تَفسِيراً لِعُلماءِ شِيعَتـِنا: نـَترُكُ الأمْرَ لِلرَأي العام لِبيان الرَأيِّ معَ إنَني لَـنْ أترِكَكُم عَلى وَبالٍ سَخِيف: بَـل أنقِـل لكُم تَفسـِِير السَيد الطَباطَبائي فَقارنـُوهُ بَينَ تَفسِيرِنا أيَهُما يُشابِه سِيناريُو قِصَة يُوسُف تِـلْفازاً مِنَ الحَلقَة (43) ما قبلُ الأخيرَةِ وَشكراً لِمُتابَعتَكُم بَعدَ الرِدُود حَتى يَشعِرُوا أهْل النفاق بأنَني كَتَبتُ لِهذِهِ القِصَة مُجَلداً كامِلاً يَحتَوِّي عَلى (45) حَلَقَة, وَهـذهِ حَلقـةٌ مِنها, وَالحَمدُ للهِ والصَلاةُ والسَلامُ عَلى سَيدِنا مُحَمدٍ وآلِهِ الطيبينَ الطاهِرين (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّـهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّـهِ إِلَّا الْقـَوْمُ الْكَافِرُونَ) (آ يـة 87) إنَ في قَلبِ يَعقوب بَصيرَةً تُحَدِثـُهُ عَن يُوسُفَ إنَهُ حَيٌ في عِلمِ يَقينِهِ: وحِينَ سُألُوه أولادَهُ كَيفَ عَلِمْتَ أنَ يُوسُفَ حَـياً: قالَ سَلامُ اللهِ عَليهِ ألا تَعلَمُونَ أنَ رُؤيَةَ يُوسُف لَمْ تَتَحقَقُ بَعـد حَتى يَتـُمُ السِجُود, لأنَني لَمْ أسْجِدُ إليهِ حِينَ قالَ (يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) فأمَرَ يَعقوب أولادَهُ التِسْعةَ يَهُوذا, وشَمْعُون, وَروبين, وَزوبلُون, وَياساكـر وَدان, ونَفتالي, وَجـاد, وعَشِير: أنْ يَلقـُوا عَصاهُم بمِصْـرَ يَحمِلُونَ رِسالَـةَ أبيهُم لِعَزيـزِ مِصْـرَ,, فأخَـذوا طَريقَهُم يُظاهِـرُونَ أحادِيثَ أباهُـم فِي أعـماقِ
نِفُوسِهِم ويُداخِلُونَهُ بَينَ جَوانِحِهِم وأسْرارِهِم, فَتَخالَطتْ ذِكْرَياتِ يُوسُفَ في
عِقُولِهِم عَندَ تَعاقبِ السِنِينَ قاصِدينَ البَحثُ عَن يُوسُفَ وَأخِيهِ بِنيامِينَ الذِي
خَلَفُوهُ أسِـيراً, فَهَبَطُوا مِصْـرَ وآمالَهُم بَينَ الخَيبَةِ وَالرجاءِ, فالتَقـُوا بأخِيهِم
لاوِّي وَاصطَحَبُوهُ مَعَهُم وَقالـُوا أيُها العزيزُ: لَقـدْ أرَهَقتنا الذِلَّـة, وأُحِيطَ بِـنا
ألانكِسارُ بَعدُ أنْ تَوارَثتنا الأحزانُ, وَتَقاذفَتنا الأقـدارُ, فإرادَتـُنا أنْ نَـقِفَ بَينَ
يَدَيـْكَ مَوقـِفَ الضَراعَـةِ والاسْتكانَـةِ, فإنْ شِـئتَ أنْ تَرحَمَـنا بِما يُـقِيـمَ الأََوَد
لِنَلتَمسُ مِنكَ أنْ تَرحَمَنا بأخِـينا بِنيامِينَ: لَقـدْ تَـرَكْنا أبانا شَيْخاً كَبيـراً يَطمَعُ
إليهِ المُثِلِِ ألأعلى مِنَ ألإيمان بالقضاءِ, وَالصَبرِ عَلى ألألْواءِِ, وهُـوَ يَتَوَجَعُ
مِن آلامِهِ ويَصِيح مِنْ أثَرِ أحزانِهِ (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ
الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)
وَقالوا أيُها العزيزُ لَقَدْ جُئناكَ مِنْ نَبَأِ المُرسَلِينَ رَسُول رَبِ العالَمِين: يَعقوبَ
بن ِإسحاقَ بن ِإبراهيمَ الخَليل: فَسَلَمُوهُ رِسالَةَ أبيهِم فَتَلقاها العَزيز الذِي هُوَ
يُوسُف لَمْ يُبادِرَهُم بإعلانِ شَخصِهِ الكَريم فَتَلاها عَليهِم وَقالَ وَهُوَ حَزينٌ,,
بسْمِهِ تَعالى وَعلى المِلَةِ التي اتَخَذَها إبراهِيمُ دِيـِناً حَنِيفاً: مِنْ يَعقوب النَبـِّيِ
إلى عَزيزِ مَصْرَ يُزارسِيف, لَقدْ ابْتلى جَدُنا إبراهيمَ رَبُهُ بلاءً حَسَناً فَجَعلَ مِنْ
نارِهِ بَرْداً وَسَلاماً, قالَ سَلامٌ مِنْ رَبِنا ورَحْمَةً لِلعالَمِين,, ثـُمَ ابَتلاهُ اللهُ بابْنهِ
إسماعِيلَ قرْباناً لَهُ وَفَداهُ رَبُهُ بكَبشِ عظيمٍ وَما يَلقاهُ إلا الذِي صَبرَ وَما يَلقاهُ
إلا ذو حَظٍ عَظيمٍ, كذلِكَ ابتَلانا اللهُ بِيُوسُفَ إنْ هُـوَ إلا بَلاءٌ مِنْ وراءِ الغِيُوبِ
وَما قَضاءَهُ إلا فِي ذلِكَ لآياتِ لِقـومٍ يَتَفَكَرُون,, ذلِكَ يُوسُفُ الصِديقُ المُبْتَلى
قَبْلُُ بلُوغِهِ بِتسْعِ سِنينِ تآمَرُوا عَليهِ أخوَةٌ لَهُ مِنْ أبيـهِ لِيَقتِلُوه وَجاءُوا عَلى
قَمِيصِهِ أباهُم عِشاءً بِدَمِ شاةٍ يَصْطَنِعُونَ البُكاءَ ظناً بأنَفُسِهِم قَـدْ أكَلَـهُ الذِئْب
فاللـَّهُ خَـيرٌ حافِـظاً لِيُوسُـفَ عِنـدَهُ إنَـهُ رَبـي لَطِيـفٌ لِمَـنْ يَـشاءُ وَهُـوَ أرْحَـمُ
الراحِمين, وَما نَسألُكَ أيُها العَزيزُ مِن أجْـرٍ إنْ هُوَ إلا ذِكـرٌ لِنَبيٍ مُتَوَجَعٍ مِنْ
جِراحاتِ وَلدِهِ بنيامِينَ التي لَمْ تَندَمِل في كَبِدِهِ, ودِمُوعَ عَينَيهِ التي لَمْ تَنقطِع
مِنْ شِجُونِهِ فَأرْسِلْهُ مَعَ أخوَتِـه وَلا تَتَولى مِنْ ذلِكَ مُعرِضاً فَمَنْ يَتَـوَلى عَـنْ
أنبياءِ اللهِ فأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقونَ,,
فَبَكى يُوسُفُ عِندَها عَلى أبيهِ وَما كانَ في قَلْبِهِ بُعداً لِفراقِِـهِ إلا ما حالَ اللـَّهُ
بَينَهُ وبَيْنَ أبيهِ ذلِكَ مِنْ أنْباءِ الغَيبِ يُوحِي اللهُ بِها لِقومٍِ يُؤمِنُون,,
ذلِكَ يُوسُفُ الذِي في قلْبهِ حَميَةٌ وَرقـةٌ لإخوانِهِ وَكَما هُـوَ الأمْـرُ ثقتـُهُ بأبيهِ
وَطِيدَةٌ شدِيدَةٌ, وَصِلَتَهُ بـهِ وَثيقَةٌ, الذِي لَـمْ تـُزَعزعَهُ النَكَبات, وَلـمْ تـُزلزلَهُ
الحَوادِث مِـنْ تَلكَ الغيبَـةِ الطويلَّةِ التي كتَبَها القرآنُ وَهُـوَ قَصِيٌ عَـن أهْلِـهِ
وَوطنِهِ ما كانَ في قلْبهِ أن يَكونَ فراقٌ يُكاد يَكُونَ غَيبَـةً إلا بإذنِ اللـَّهِ تعالى
تِلكَ الغيبَةِ التِي أنكَشَفَ عَنْ مَكنونِها قِناعٌ, وَبَِرِقَ في سَمائِها أمْلٌ, وَأُضِيءَ
فِي أُفِقِها كَوكبٌ لَماعٌ, فَتَعَلقَت أنظارَهُ لِرُؤيةِ أبيهِ يَعقوب التَقِي: ذلكَ يُوسُف
المُنبَعِثُ عَن نَفسٍ خَبيرةٍ بَصيرةٍ حِينَ تحسَسَ مِنْ حَولهِ أخوتِهِ فَعرَفَ سِـرُ
الأمْرِ الإلهِي, وَفَطِنَ إلى حَقيقةِ الحَال, فَحَمدَ اللهُ وَأثنى عَليهِ وَخَرَ لهُ راكِعاً
وَجاهَدَ نَفسَهُ راغِباً إلـى رَبـهِ الغَـفار: فأجابهُم قائِـلاً (هَـلْ عَلِمْتـُمْ مَا فَعَلْتـُمْ
بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتـُمْ جَاهِلُونَ) قالـُوا أيُها العَزيـزُ نَحنُ مِن قَـَومٍ لا نَلْبـِسُ
الحَقَّ بالباطِلِ وَنكْتِمَهُ حَتى تَقذِفنا بالجَهْلِ بَعدُ أنْ كُنا وَراءِ الحَقِّ عَلى الهُدى
مُتَفَقِهين,, قالَ بَلْ أنتـُم لَسْتُ مِنْ أهلِنا تَحْمِلُونَ الآباءَ على الجَهْلِ بإفراطِكُم
حِفْـظاً لقـُلُوبِكُم عَلى الإسـاءَةِ وَلَئِـنْ مَسَكُـم العَـذابُ لَتَقوُلَنَ يا وَيـلَنا إنـّا كُـنا
مُجْرمِينَ,, ألَسْتـُم برَبِكُم الذِي أكْبَدَكُم بَعدُ أنْ بَطِرَتْ مَعِيشَتَكُم وَشاءَ بِكُم إلى
عَزيزِ مِصْرَ مِنْ حَيثِ لا تَشْعرُون, بَلى هُوَ اللـَّهُ رَبَكُم العالِمُ بِما تَخْفـُونَ فِي
صُدُورِكُم وَمّا تَبْـدُوهُ مِـنْ جُـرْمٍ تَظُنـُوهُ نَصْراً لَكُم بِقَتلِ أخَِيكُم وَتَقولُونَ مَتى
وَعدُ الحَق الذِي يَخْلُ لَنا بِـهِ وَجْـهُ أبيـنا فانْظِرُوا اليَومَ الذِي كَيـفَ كانَ فِيـهِ
عاقِبَةُ المُتَكَبِرين, أفَما تِلكَ الأيامُ التي يُداوِلُها اللهُ بَينَكُم لِتَعلَمُوا اليَومَ رسالَةَ
أبِيكُم ما مِن فَضْلٍ لَكُم عِندَهُ بَلْ يَراكُم قَوْماً كاذبينَ,هذا هُوَ اليَومُ الذي اقتَرَبَ
فِيهِ الوَعدُ الحَقُّ وأنتـُم شاخِصِةٌ أبصارَكُم بِمِصْرَ بَينَ قَـومٍ لا يُؤمِنـُونَ باللـَّهِ
فَما جَزاءَكُم إذ كُنتُم خاطِئِين, كَيفَ يَشاءُ لَكُم أنْ تَقتِلُوا أنفُسَكُم لِتَجرَحُوا قَلبَ
أبيكُم وَهُوَ يَتَوجَعُ ويَتَوَلولُ في سِنْيَتِه وَأنتـُم مِنْ حَولِـهِ تَمْرَحُون,, كَيفَ قَـدْ
زُيـِّنَ لَكُم الهَوى أنْ تَكِيدُوا بِيُوسُفَ فَتَلْقوهُ في غَيابَـةِ الجُبِ الذي يَبعِـدُ عَـن
قِرى يَعقوبَ أمْيالاً وأنتـُم بَيـْنَ هُـدى رَسُولِ رَبِ العالَمِين,, أليْـسَ هُـوَ الذِي
يَتَوسْـلُ إليكُم ويَتَـشفِعُ بِكُم فَلَم تَقبَلوا شَفاعَتَهُ ولَنْ تسْتََرقَ قلوبَكُم لَـهُ وَهُـوَ
يَتوَجَعُ بآلامِهِ مِن أثـرِ ذلِكَ المَّـدرُ الذِي أسْقَطتِمُوه عَلى أمِ رَأسِهِ فاسْتَكبَرتُم
عَليهِ وَأنتُم على شَفا البِئْرِ تَضْحَكُون,, وَمِن ثمَ اصْطَنعتُمُ البُكاءَ ظَناً بأخِيكُم
لِيَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أبيكُمْ فَعَلِمََ مِنكُم مالَمْ تَعلَمُونَ بِمِكْرِكُم فَجَعلَ مِنْ دُونِهِ مَكْرُ اللهِ
فَوْقَ كَيْـدِ الماكِرينَ,, وكَذلِكَ عَدَوتـُم وتَعَمَدتـُم أنْ تَصْنَعُوا مَعَ أخِـيهِ بنيامِين
صِنُوفَ الحِـيَلِ وَالإيـذاءِ وَلَـمْ تَأخِذكُم فيـهِ رَحمَةً فأنذَرَكُم أباكُـم بِغَضَبِ رَِبـهِ
لَعلَكُم تَسْتَغفِرُونَ, أوَوَلَسْتُم غَيرُ نادِمِينَ عَن كَثيرٍ مايَصْفحُ لَكُم أخيكُم بِلُطفِهِ
عَنْ زَلَتِكُم وَيَعفـُو عَن خَطاياكُم وَأنتـُم بِـهِ لَمِنَ الظالِمِينَ,, وَلَئِنْ آتَيْتـُم الذِينَ
أُوتُوا الحَقََّ بِكُلِ آيَةٍ لآمَنْتُم مَعَ الذِينَ آمَنـُوا لأوْفاكُمُ اللـَّهُ أجُورَكُم وَاللهُ ولِيُ
المُؤمِنينَ, ثـُمَ تَوَلَيتـُم مِنْ بَعـدِ إيمانِكُم فَطَوَعَتْ لَكُـم أنفـُسَكُم أمْـراً في إبعادِ
أخِيكُـم يُوسُـفَ فأصبَحتُم مِـن بََعـدِهِ قَوْماً خاسِرين,, فَمَنْ أوقـعَ مُؤمِناً بأذىً
فعَلَيْهِ إثْمُهُ فَهُوَ مَعَ الذِينَ لَعَنَهُم اللهُ وَيَلعَنَهُمُ اللاعِنُون, فإنْ تُبتـُم يُؤتِكُمُ اللهُ
أجْـراً حَسَناً وإنْ عَصَيتـُم فَاعلَمُوا إنَكُـم لا يُزَكِيَكُم اللـَّه حِفْظاً لِسَيئاتِكُم فَلَكُـم
عَذابَ يَومٍ عَظِيم بِما كُنتـُم عَلى التَوْبَةِ تَسْتَكبرُون,, وَإنْ كُنتـُم في رَيْبٍٍ مِنْ
قَولِنا فَأوْفُوا لَنا ما فِي نَفُوسِكُم لِتَعلَمُونا إنَ كانَ وَعدَ اللـَّهُ حَقٌ فِيكُم فَهاتـُوا
بُرهانَكُم إنْ كُنتُم صادقِين,,
قالُوا أيُها العَزيز أنَ ذلِكَ الذِي أفادَ بِهِ مِنَ الكِذبِ إلا ما عَـدَدَهُ أخِينا بِنيامِينَ
لَكُم فإنَهُ قَـدْ كانَ لَنا عَدواً مُبين,, إذ قالَ يُوسُفُ لإخوَتِهِ أنَ لِـكُلِّ كِـذبٍ لَدَيكُم
بِما يُحِيطَنا بِهِ خُبْرا وَاللهُ فَوقَ كُلِّ ذي عِلْمٍ عَليم, وشَهدَ الذينَ اشْتَرُوا يُوسُفَ
بـِبَخَسِ دَراهِمٍ مَعدودَةٍ قالوا أليسَ إنَكُم قَـَد ألزَمْتِمُونا أنْ لا نَنقـُِضَ البَيعَ بَعدَ
تَوكِيدِهِ حَتى نَذهَبَ بِيُوسُفَ بَعيداً عَنْ أرضِ كَنعانَ وقدْ كُنا فِيهِ مِنَ الزاهِدينَ
قالُوا أيُها العَزيزُ إنَهُ لَيسَ يُوسُف بَـلْ عَبـدٌ شِريرٌ لا يُطيعُ أبانا قَـدْ أبـِقَ مِنا
وَسَقطَ فِي البِئرِ وَكُنا لإبعادِهِ كارهِين,, قالَ بَـلْ سَوَلَتْ لَكُم أنفُسَكُم شَراً وَمّا
كانَ ذلِكَ العَـبدُ إلا رَحمَةً لِلعالَمين,, وأخَذوا يَنظرُونَ إلى يُوسُفَ فَتَخالَجَهُم
الشَكُ في أمْرهِ وَداخَلَهُم الظَنُ في حَقيِقَتِهِ حَتى أوضَحَ الرَيْبُ لَهُم عَـنْ حالِهِ
وإذا هُمْ عَنْ غَفلَتِهِم يَبْصِرُون: قالوا إذاً (أَإِنّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَـا يُوسُفُ
وَهَذَا أَخِي قَـدْ مَنَّ اللـَّهُ عَلَيْنَا إِنَّـهُ مَـنْ يَتّـقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْـرَ
الْمُحْسِنِينَ) لَّما عَلِمُوا بأنَـهُ يُوسُف اضْطَربَت مَشاعِرُهُم وامتَقـُعَت ألوانُهُم
فتَمََنـُوا لأنفُسِهِم نَفَقاً في الأرضِ يَنشَقُ ويَبلَعَهُم وَكَأنَهُم لا سَمِعُوا مِنْ حِينهِ
وَلا هُم يَنظِرُون, قالَ يُوسُفُ مابالِكُم ذُلِلْتُم فِيما أقولُ لكُم مِنْ خَبرٍٍ فاجِعٍ وَنَبأٍ
مُرْوعٍ إذ أنتـُم قَوْماً مُذنِبين,, وَهَـلْ أنَ خَـبَري إليكُم يُفسِـدُ مِـنْ شِخْصِكُم أو
يُهزْهِزَ مِن جَهلِكُم فبئْسَما يِأمرُكُم بِهِِ إسْلامَكُم إنْ كُنتُم مُؤمِنينَ, أوَلَيسَ إنَكُم
قَد اسْتَعجَلتُم بالسَيئَةِ ثمَ تَجَنيْتُم فِي إبعادِ أخِيكُم عَن أبيهِ وَأنتُم لا تَرحَمُون,,
فتُوبُوا وَاسْتَغفرُوا رَبُكُم حَتى يأتِيَّ أمْرَهُ بِكُم إنَ اللهَ للِتَوابينَ غَفُورٌ رَحِيم,,
إنْ تَعتَذِرُوا إلى اللهِ لَقدْ كَفرْتـُم بَعدَ إيمانِكُم إنْ يَعْفـُو عَنكُم حَتى لا يَرُدَّكُم اللهُ
بَعدَ إيمانِكُم كافرينَ, قالوا يا أَخانا (لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُـنَّا لَخَاطِئِينَ)
يا نَبيَّ الله لَـوْ إنَنا تَذَوَقنا السُوءَ بِجَهالَةٍ لأُحِيطَّتْ الَتَـوْبَةَ في نِفُوسِنا قـُدُماً
قَبْلَ ثبُوتِها إنا إذاً لَظالِمُون,, أوَليسَ نَحنُ أشَدُ مِنكَ قوَةً وَأكثَرُ جَمْعاً وَحُنكَةً
لا نَسْأل بالأمْسِ عَـن خَطايانا وَاليَوم يَبْلِسُ أمامكَ المُذنِبُون,, ذلِكَ يُبَينُ اللهُ
الْحَقَّ وَيُزهِقَ الْبَاطِلَ لِيُنذِرَ بِهِ الله قوْماً وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ, الحَمدُ للهِ الذِي
آثَرَكَ عَلينا وَهَدانا بِكَ لِتََصْفَحَ عَـنْ خَطايانا وَآخِـرُ دَعوانا أَن ِالحَمْدُ وَالشِكُرُ
للهِ الذِي أطْلَعَكَ عَلينا وَناصَرَ المُحسِنينَ,, يا أخانا أطْلبْ العَفوَ لَنا عِندَ رِبِـِكَ
وَسْتَغفِرَنا حَتى يَتبَينَ لَكَ صِدقـَنا فَنِعمَ أجْـرُ الغافِرينَ, إنَنا قَـدْ تـُبْنا إلى اللـَّهِ
لِيَدْرأَ عَنا العَذابَ فعِندَها نَجْعَلُ لَعنَةُ اللهِ عَلى الكاذِبينَ,, ذلِكَ مِيثاقنا وَعَهدُنا
إلى اللهِ وَمَنْ يَنكُثَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعـدِ مِيثاقِهِ في الأرضِ فَهُوَ لَمِنَ الخاسِرينَ
فَبادَرَهُم يُوسُف بالعَفـوِّ: وَقالَ لإخَوَتِهِ (لا تَثرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِـرُ اللَّهُ لَكُمْ
وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
بَـيانٌ/ أيْ مِنَ الآنِ فلا لَـوْمٌ, وَلا عُقوبَـةٌ عَليكُم بتِلكَ إجرامِكمُ عليََّ, فذَكَرَهُم
بأنهُ أعَزُ نَفساً وَأكْرَمَهُم قلْباً وَأدنى إلى اللـَّهِ إيماناً فاطمَئنُوا مِنْ أخيهِم إنـهُ
هُوَ الشابُ الذِي يَسْعى في خَيْرهِم, وَلا يَضْمِرُ فِي قلْبهِ سُـوءاً لَهُم, وَلا يُريدُ
بهِم شَراً فأخَذتهُم عَبْرةٌ مِنَ الأسـى, وَنالتهُم حِرقةٌ مِن النَدمِ, فالتمَسُوا مِنهُ
البَينَـة لِغفرانِهِم, فهُوَ لِمَن دَعاهُ قريبٌ, وَلِمَن سألهُ مُجيبٌ, وَلِمَن أتابَ عَليهِ
سَمِيعٌ عَلِيم,,
فَكانَ قلْب يُوسُف هُوَ أرَقُ مِن قلبِ أبيهِ يَعقوب وَهذا مِن دَلائلِ القرآن, ذلِكَ
يُوسُفُ الشابُ العفيفُ الطاهِرُ الذِي اصْطفاهُ اللـَّه لِرسالتِهِ أوَلُ مَنْ بادَرَ إلى
العَفوِ عَنْ حَقِِهِ اتِجاه إخوَتِهِ العَشرَة مِن أبيهِ الذِينَ تآمَرُوا بقتلِهِ حِينَ رَمُوهُ
فـي غَـيابِ الجُـبِ وَلـمْ يَستَكـبرَ عَليهِم فبادَرهُم بالعَفـْوِ عَـنْ حَقـهِ مِنْ حَـيثُ
لا يَطمعُ في مَغنَمٍ, أوْ تتَطلعُ نفسُهُ إلى رِِئاسَةٍ أو يَطلبَ جَزاءٌ بِهِم عَما فَعَلوا
بهِ مِنْ جُرمٍ: حَتى قالَ لَهُم (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقـُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ
بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)
وإذا بِيَعقوبِ النَبي واقِـفٌ على ثَنيَـةٍ مِـنْ دارهِ يَصيحُ بأعلىَ صَوتِـهِ مُبَشِـراً
أهْله وَقومه إنِي أشُـمُ رِيحَ يُوسُفَ مِـنذُ عَشرَةُ أيامٍ وإنْ رَمَيتِمُوني بالجِنُونِ
سأبْقى وَأكْررُ لَكُم إنِي أشُمُ ريحَ ولَدِي وقـُرَةَ عَيني يُوسُف,, قالـُوا حَقاً إنَكَ
جُنِنت, قالَ بَلا أليسَ أقولُ لكُم مِراراً أنَ جَدِي إبراهيم ضَحى بِوَلَدِهِ إسماعيلَ
فَفَداهُ رَبُهُ بِكَبشٍ عَظيمٍ, وَهـا أنا كذلِكَ ضَحَيْتُ بِوَلدِي يُوسُفَ نَـيْفٌ وَثلاثونَ
سَنَةً فلا بُدَ أنْ يَجمَعَ اللهُ تَعالى بِيُوسُفَ اليَوم إلى أبيهِ المُتَوجِعِ كَما جَمعَ اللهُ
إسماعِيلَ لإبراهيمَ خَليل الله,,
سُبْحانَ اللـَّهُ الذِي أظهَرَ الحَّق بعدَ اثنَتَي وَثلاثِينَ سَنةً وَسَيَرَ الإخوَةَ الحادِي
عَشَر وَرَحَلَّت العِيرُ تَحمِلُ قَمِيصُ يُوسُف: هذا القمِيصُ الذِي يَحمِلُ البُشرى
ويُرِّدَ على يَعقوب نِعمَةَ البَصَّرِ وَالحَياةِ, فمّا كانَ في نَفـسِ يَعقوب حاجَةً إلاّ
وَقضاها اللـَّهُ جَلَّ اسْمُهُ وَعَلا, وَإذا بيَعقوبٍ سَلامُ اللـَّهِ عَليهِ قـدْ أَشمَهُ اللـَّهُ
ما عَـبَقُ فِي قمِيـصِ يُوسُفَ عَـن مَسَيرةِ أيام,, سُبْحانَ الذِي قـدْ جَعلَ ريـحَ
يُوسُفَ على بُعـدِ أميالٍ كَما أَوْصَلَ عَرشُ بلقِيسٍ قبْلَ أنْ يَرْتَدَ سُليمانُ طَرْفَه
وجاءُوا بالبُشْرى وألقُوا القمِيصَ على وَجهِ أبيهِم فعادَ بَصرَهُ في حِينهِ فَهُم
مِن حَولِهِ فَرحِين,,
(قَالـُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنـُوبَنَا إِنَّا كُـنَّا خَاطِئِينَ) وَهـذا يَـدلُ على اعترافِنا
بالخَطيئَةِ,, قالَ أني لَسْتُ أمْلِكُ مِن سَبيلِكُم شَيئاً مِما اقتَرفتِمُوه مِـنَ الذنوُبِ
وَلا أسْتَطيعُ لَكُم مِنَ عَذابِ اللـَّهِ دَفعاً: وَلكِن (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي)
فأمْهَلهُم يَعقوب إلى يَـومٍ مَعلومٍ وَلـمْ يُبادِرَهُم عَلى العَفـْوِ وَالاسْتِغفارِ: وَقالَ
لا أسْتَغفرُ لكُـم حَتى تـُطِيب نَفـس يُوسُـف مِنكُـم وَيَنـْسى أثـار الجَريَمة التِي
ارتَكَبْتِمُوها ضِدَهُ, والحَمدُ للهِ رَبِ العالَمين,,
(انتهى تَفسيرُ العلامَة الشيخ ألحَجاري الرُميثي مِنَ العِراق)
وكانَ رأي آيَة الله العُظمى محمد حسين الطَباطيائي في تفسيرهِ لهذهِ الآيَة
وقولِهِ تَعالى (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) فاطلِبُهُما وابْحَثوا عَنهُما لَعَلكُم تَظفرُون (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) والفَرجُ الذي يَرزقَـهُ اللـَّه بَعدُ الشِدَةِ (إِنَّـهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) الذينَ لا يُؤمِنونَ بأنَ اللـَّهُ يَقدر أنْ يَكشِفَ عَن كُلِّ غـُمَةٍ ويُـنَفِسُ عَـن كُـلِّ كُربَـةٍ (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ) أي على يُوسُفَ (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) وهُمْ على ما هُمْ عَليهِ مِن الذِلِ فَبالَغـُوا في الاسْترحامِ قائِلينَ (مَسَّنَا وَأَهْـلَنَا الضُّـرُّ) وسُـوء الحال مِـنْ قِلَـةِ الطَعام (وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ) هُوَ مَتاعٌ قَليلٌ لا يَعدِلُ ما نِسألُكَ مِـن طَـعامٍ (فَأَوْفِ لَـنَا الْكَـيْلَ) بإعطائِنا الطَعام (وَتَصَدَّقْ عَلـَيْنَا) كأنَهُم يُريدونَ بِقَولِهِم أخاهُم أو إياهُ الطَعام (إِنَّ اللَّهَ يَجْـزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) خَـيراً (قَـالَ) يُوسُفُ في مَوقِفٍ لَهُ ذلَهُم وعزتَه وقدْ تَمَت الكَلِمَة الإلهِيَة (هَلْ عَلِمْتُمْ مَافَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيـهِ) إنما يخاطب المُخطىء المُجرم بمثل هـل علمت وَأ تدري وأ رأيـْت ونحوها وهـو عالِـمٌ بما فعَل لتذكيرهِ جـزاء عمله وَوبال ذنبـه: لكنهُ عليـهِ السلام أعقـبَ استفهامهُ بقولـهِ تَذكِرَهُم بَعَمَلِهِم مِـنِ غَـيرِ تَوبيـخٍ ومُؤاخَذهُ لِيُعَرفَهُم مِن اللهِ عَليهِ وعلى أخيهِ (إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ) وفيهِ تَلقينِ عِذرٍ وهذا من عجيبِ فتوَة يوسف عليه السلام وَيا لَها من فتوةٍ,, (انتهى تَفسيرُ الطباطبائي) | |
|