منتديات ورود الأمل
منتديات ورود الأمل
منتديات ورود الأمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ورود الأمل


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مامعنى الشرف ياناس فتعريف الشرف ومراتبه على أربع منازل من معاني العلامة الشيخ الحجاري
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالثلاثاء يونيو 10, 2014 12:46 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» تحليل خبر الحرب عند الحجاري في ورقة قال على أي هدف جاء الإرهاب بإسمك يا داعش
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالجمعة يونيو 06, 2014 12:41 pm من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» أخطر هجوماً استخدمه العلامة الشيخ الحجاري الرميثي ضد من صرح أنا أعلم الموجودين من العلماء
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالجمعة مايو 02, 2014 6:38 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» تفسير الشيخ الحجاري لدعاء كُميل: اللّهُمَّ اغفِر لِي الذُّنُوبَ التي تُنزلُ النِّقم
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالخميس أبريل 17, 2014 12:39 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» مراودة زليخة من يوسف ولقد همت بهِ وهمَّ بها من تفاسير العلامة الشيخ الحجاري الرميثي
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالأربعاء أبريل 02, 2014 10:34 pm من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» مناظرة العلامة الشيخ الحجاري مع السيد السيستاني على موقعه الرسمي حول تعليم الصلاة وأحكامها
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالأحد مارس 16, 2014 8:05 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» السيد كمال الحيدري يطعن بحديث العلامة الشيخ الحجاري الذي ناورَ العرعور عن إمامة علي ع
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالخميس يناير 30, 2014 4:56 am من طرف ورود

» شيخ اليعقوبي على لسان الصدر يصف الكلام حول المرجعية الساكتة بالنجف وهل الحجاري يسانده
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2013 6:50 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

» طلب العلامة الشيخ الحجاري تظاهر الشعب الكويتي ضد العرعور وخروجه من الكويت كونه لوطياً
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالإثنين سبتمبر 16, 2013 1:35 am من طرف الشيخ الحجاري الرميثي

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
pubarab
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ورود
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
فتى الجبل
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
الزعيم
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
ابو حسين
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
السيد الحيدري
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
القمر14
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
الذابح
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
السراب
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
عاشق السيد
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
ليان
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyمن خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, I_vote_lcap 
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 11 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 11 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 299 بتاريخ الخميس نوفمبر 21, 2024 2:13 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 403 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو خواص سعيد فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 11422 مساهمة في هذا المنتدى في 2217 موضوع
سحابة الكلمات الدلالية
باسم كونان الباقر الكربلائي

 

 من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح,

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ورود
المديرة
المديرة
ورود


انثى
عدد الرسائل : 4039
السٌّمعَة : 4
نقاط : 4532
تاريخ التسجيل : 21/09/2008

من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Empty
مُساهمةموضوع: من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح,   من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح, Emptyالأحد نوفمبر 01, 2009 9:57 pm

خطبة الأشباح

خطب أمير المؤمنين عليه السلام والصلاة بهذه الخطبة على منبر الكوفة، وذلك أن رجلاً أتاه فقال له: يا أميرالمؤمنين! صف لنا ربّنا لنزداد له حباً وبه معرفة.
فغضب(عليه السلام) ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى غصّ المسجد بأهله.



فصعد المنبر وهو مغضب متغيّر اللون، فحمد الله سبحانه وصلّى على النبي(صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال:
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لاَ يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَالْجُمُودُ، وَلاَ يُكْدِيهِ الاِْعْطَاءُ وَالْجُودُ; إِذْ كُلُّ مُعْط مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ، وَكُلُّ مَانِع مَذْمُومٌ مَا خَلاَهُ، وَهُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ، وَعَوائِدِ المَزِيدِ وَالْقِسَمِ، عِيَالُهُ الْخَلاَئِقُ، ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ، وَقَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ، وَنَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْهِ، وَالطَّالِبِينَ مَا لَدَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَا لَمْ يُسْأَلُ.
الاَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيءٌ قَبْلَهُ، وَالاخِرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَهُ، وَالرَّادِعُ أَنَاسِيَّ الاَْبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ، مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الحَالُ، وَلاَ كَانَ فِي مَكَان فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الانتِقَالُ، وَلَوْ وَهَبَ مَاتَنَفَّسَتْ عَنْهُ مَعَادِنُ الْجِبَالِ، وَضَحِكَتْ عِنْهُ أَصْدَافُ الْبِحَارِ، مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ وَالْعِقْيَانِ، وَنُثَارَةِ الدُّرِّ وَحَصِيدِ الْمَرْجَانِ، مَا أَثَّرَ ذلِكَ فِي جُودِهِ، وَلاَ أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَهُ، وَلَكَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَخَائِرِ الاَنْعَامِ مَا لاَ تُنْفِدُهُ مَطَالِبُ الاَنَامِ، لاَِنَّهُ الْجَوَادُ الَّذِي لاَ يَغِيضُهُ سُؤَالُ السَّائِلِينَ، وَلاَ يُبْخِلُهُ إِلْحَاحُ المُلِحِّينَ.

فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ: فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ وَاسْتَضِىءْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ، وَمَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ، وَلاَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) وَأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ، فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنَّ ذلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ اللهِ عَلَيْكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ، الاِْقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغيْبِ الْـمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللهُ ـ تَعَالَى ـ اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً، وَسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيَما لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً، فاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَتُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ.
هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الاَوْهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ، وَحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ، وَتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ، وَغَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ في حَيْثُ لاَ تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتنالَ عِلْمَ ذَاتِهِ، رَدَعَهَا وَهِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ، مُعتَرِفَةً بِأَنَّهُ لاَ يُنَالُ بِجَوْرِ الاعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ، وَلاَ تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلاَلِ عِزَّتِهِ.
الَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَال امْتَثَلَهُ، وَلاَ مِقْدَار احْتَذَى عَلَيْهِ، مِنْ خَالِق مَعْبُود كَانَ قَبْلَهُ، وَأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ، وَعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ، وَاعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ، مَا دَلَّنا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ الَّتِي أحْدَثَها آثَارُ صَنْعَتِهِ، وَأَعْلاَمُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَدَلِيلاً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً، فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ، وَدَلاَلَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ. .

فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ، وَتَلاَحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْـمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ، وَلَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْيَقِينُ بِأَنَّهُ لاَنِدَّ لَكَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ المَتبُوعِينَ إِذْ يَقُولُونَ: (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلاَل مُبِين * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)

كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ وَنَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْـمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهمْ، وَجَزَّأُوكَ تَجْزِئَةَ الْـمُجَسَّماتِ بِخَوَاطِرِهِمْ، وَقَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الُْمخْتَلِفَةِ الْقُوَى، بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ

.
فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْء مِنْ خَلْقِكِ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ، وَالْعَادِلُ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آياتِكَ، وَنَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لَمْ تَتَنَاهَ فِي الْعُقُولِ، فَتَكُونَ في مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَيَّفاً، وَلاَ
فِي رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا [فَتَكُونَ ]مَحْدُوداً مُصَرَّفاً.

قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ، وَدَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ، وَوَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ، وَلَمْ يَقْصُرْ دُونَ الاِْنْتِهَاءِ إِلى غَايَتِهِ، وَلَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَكَيْفَ وَإِنَّمَا صَدَرَتِ الاُْمُورُ عَنْ مَشيئَتِهِ؟ الْمُنْشِىءُ أصْنَافَ الاَْشْيَاءِ بِلاَ رَوِيَّةِ فِكْر آلَ إِلَيْهَا، وَلاَ قَريحَةِ غَرِيزَة أَضْمَرَ عَلَيْهَا، وَلاَ تَجْرِبَة أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ، وَلاَ شَرِيك أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الاُْمورِ، فَتَمَّ خَلْقُهُ، وَأَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ، وَأَجَابَ إِلى دَعْوَتِهِ، لَم يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِىءِ، وَلاَ أَنَاةُ الْمُتَلَكِّىءِ، فَأَقَامَ مِنَ الاَْشْيَاءِ أَوَدَهَا، وَنَهَجَ حُدُودَهَا، وَلاَءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا، وَوَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا، وَفَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَات فِي الْحُدُودِ وَالاَْقْدَارِ، وَالْغرَائِزِ وَالْهَيْئَاتِ، بَدَايَا خَلاَئِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا، وَفَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَابْتَدَعَهَا!.
وَنَظَمَ بِلاَ تَعْلِيق رَهَوَاتِ فُرَجِهَا، وَلاَحَمَ صُدُوعَ انْفِرَاجِهَا، وَوَشَّجَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَزْوَاجِهَا، وَذَلَّلَ لِلْهَابِطِينَ بِأَمْرِهِ، وَالْصَّاعِدِينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ، حُزُونَةَ مِعْرَاجِهَا، وَنَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ مُبِينٌ، فَالْتَحَمَتْ عُرَى أَشْرَاجِهَا، وَفَتَقَ بَعْدَ الارْتِتَاقِ صَوَامِتَ أَبْوَابِهَا، وَأَقَامَ رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ عَلَى نِقَابِهَا، وَأَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تَمُورَ فِي خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِهِ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لاَِمْرِهِ، وَجَعَلَ شَمْسَهَا آيَةً مُبْصِرَةً لِنَهَارِهَا، وَقَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً مِنْ لَيْلِهَا، وَأَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ مَجْرَاهُمَا، وَقَدَّرَ مَسِيَرهُما فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا، لُِيمَيِّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِهِمَا، وَلِيُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِينَ والْحِسَابُ بِمَقَادِيرِهِمَا، ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوِّهَا فَلَكَهَا، وَنَاطَ بِهَا زِينَتَهَا، مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيِّهَا، وَمَصَابِيحِ كَوَاكِبِهَا، وَرَمَى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا، وَأَجْرَاها عَلَى أَذْلاَلِ تَسْخِيرِهَا مِنْ ثَبَاتِ ثَابِتِهَا، وَمَسِيرِ سَائِرِهَا، وهُبُوطِهَا وَصُعُودِهَا، وَنُحُوسِهَا وَسُعُودِهَا.

ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَهُ لاِِسْكَانِ سَمَاوَاتِهِ، وَعِمَارَةِ الصَّفِيحِ الاَْعْلَى مِنْ مَلَكُوتِهِ، خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، وَمَلاََ بهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا، وَحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا، وَبَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ
الْمُسَبِّحِينَ مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ الْقُدُسِ، وَسُتُرَاتِ الْحُجُبِ، وَسُرَادِقَاتِ الْـمَجْدِ، وَوَرَاءَ ذلِكَ الرَّجِيجِ الَّذِي تَسْتَكُّ مِنْهُ الاَْسْمَاعُ سُبُحَاتُ نُور تَرْدَعُ الاَْبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا، فَتَقِفُ خَاسِئَةً عَلَى حُدُودِهَا.

أَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَر مُخْتَلِفَات، وَأَقْدَار مُتَفَاوِتَات، (أُولِي أَجْنِحَة مَثْنَى وَثُلاَثَ) تُسَبِّحُ جَلاَلَ عِزَّتِهِ، لاَ يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِهِ، وَلاَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ).
جَعَلَهُمُ اللهُ فِيَما هُنَالِكَ أَهْلَ الاَْمَانَةِ عَلَى وَحْيِهِ، وَحَمَّلَهُمْ إِلى الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَعَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ الشُّبُهَاتِ، فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِهِ، وَأَمَدَّهُمْ بِفَوَائِدِ المَعُونَةِ، وَأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ السَّكِينَةِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلاً إِلى تَمَاجِيدِهِ، وَنَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلاَمِ تَوْحِيدِهِ، لَمْ تُثْقِلْهُمْ مُوصِرَاتُ الاْثَامِ، وَلَمْ تَرْتَحِلْهُمْ عُقَبُ اللَّيَالي وَالاَْيَّامِ، وَلَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا عَزِيمَةَ إِيمَانِهمْ، وَلَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ يَقِينِهمْ، وَلاَ قَدَحَتْ قَادِحَةُ الاِْحَنِ فِيَما بَيْنَهُمْ، وَلاَ سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مَا لاَقَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِضَمائِرِهمْ، وَسَكَنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَهَيْبَةِ جِلاَلَتِهِ فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهمْ، وَلَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ بِرَيْنِهَا( عَلى فِكْرِهمْ.

مِنْهُمْ مَنْ هُوَ في خَلْقِ الْغَمَامِ الدُّلَّحِ، وَفي عِظَمِ الْجِبَالِ الشُّمَّخِ، وَفي قَتْرَةِ الظَّلاَمِ الاَْيْهَمِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الاَْرْضِ السُّفْلَى، فَهِيَ كَرَايَات بِيض قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ الْهَوَاءِ، وَتَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ تَحْبِسُهَا عَلَى حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ، قَدِاسْتَفْرَغَتْهُمْ أَشْغَالُ عِبَادَتِهِ، ووَسّلَت حَقَائِقُ الاِْيمَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، وَقَطَعَهُمُ الاِْيقَانُ بِهِ إِلى الْوَلَهِ إِليْهِ، وَلَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَهُ إِلى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ.
قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَشَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ، فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهمْ، وَلَمْ يُنْفِدْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَلاَ أَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهمْ، وَلَمْ يَتَوَلَّهُمُ الاِْعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَلاَ تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ الاِْجْلاَلِ نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهمْ، وَلَمْ تَجْرِ الْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُؤُوبِهِمْ، وَلَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ، وَلَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهمْ، وَلاَ مَلَكَتْهُمُ الاَْشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الخبر إِلَيْهِ أَصْواتُهُمْ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ الطّاعَةِ مَناكِبُهُمْ، وَلَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ التَّقْصِيرِ فِي أَمرِهِ رِقَابَهُمْ، وَلاَ تَعْدُوا عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِم بَلاَدَةُ الْغَفَلاَتِ، وَلاَ تَنْتَضِلُ فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ.

قَدِْ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَومِ فَاقَتِهمْ، وَيَمَّمُوهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْخَلْقِ إِلى الـمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهمْ، لاَ يَقْطَعُونَ أَمَدَ غَايَةِ عِبَادَتِهِ، وَلاَ يَرْجِعُ بِهمُ الاِسْتِهْتَارُ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ، إِلاَّ إِلَى مَوَادَّ مِنْ قُلُوبِهمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَة مِنْ رَجَائِهِ وَمَخَافَتِهِ، لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ مِنْهُمْ، فَيَنُوا في جِدِّهِمْ، وَلَمْ تَأْسِرْهُمُ الاَْطْمَاعُ فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْىِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ. ولَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوِ اسْتَعْظَمُوا ذلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْواذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ، وَلاَتَوَلاّهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ، وَلاَ تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّيَبِ، وَلاَ اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ الْهِمَمِ، فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَان لَمْ يَفُكَّهُمْ مَنْ رِبْقَتِهِ زَيَغٌ وَلاَ عُدُولٌ وَلاَ وَنىً وَلاَ فُتُورٌ، وَلَيْسَ في أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ مَوْضِعُ إِهَاب إِلاَّ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، أَوْ سَاع حَافِدٌ، يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهمْ عِلْماً، وَتَزْدَادُ عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً

.
كَبَسَ الاَْرْضَ عَلى مَوْرِ أَمْوَاج مُسْتَفْحِلَة، وَلُجَجِ بِحَار زَاخِرَة، تَلْتَطِمُ أَوَاذِيُّ أمْواجِهَا، وَتَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِها، وَتَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا، فَخَضَعَ جِمَاحُ الْمَاءِ الْمُتَلاَطِمِ لِثِقَل
حَمْلِهَا، وَسَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِهِ إِذْ وَطِئَتْهُ بِكَلْكَلِهَا، وَذَلَّ مُسْتَخْذِياً إِذْ تَمعَّكَتْ عَلَيْهِ بِكَوَاهِلِهَا، فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ أَمْوَاجِهِ، سَاجِياً مَقْهُوراً، وَفِي حَكَمَةِ الذُّلِّ مُنْقَاداً أَسِيراً، وَسَكَنَتِ الاَْرْضُ مَدْحُوَّةً فِي لُجَّةِ تَيَّارِهِ، وَرَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِهِ وَاعْتِلاَئِهِ، وَشُمُوخِ أَنْفِهِ وَسُمُوِّ)غُلَوَائِهِ، وَكَعَمَتْهُ عَلَى كِظَّةِ جَرْيَتِهِ، فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِهِ، وبَعْدَ زَيَفَانِ وَثَبَاتِهِ.

فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ أَكْنَافِهَا، وَحَمْلِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ الْبُذَّخِ عَلَى أَكْتَافِهَا، فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ أُنُوفِهَا، وَفَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ بِيدِهَا وَأَخَادِيدِهَا، وَعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسَيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا، وَذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا، فَسَكَنَتْ مِنَ الْمَيَدَانِ بِرُسُوبِ الْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا، وَتَغَلْغُلِهَا مُتَسَرِّبَةً في جَوْبَاتِ خَيَاشِيمِهَا، وَرُكُوبِهَا أَعْنَاقَ سُهُولِ الاَُرَضِينَ وَجَرَاثِيمِهَا، وَفَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وَبَيْنَهَا، وَأَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً لِسَاكِنِهَا، وَأَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِها. ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الاَْرْضِ الَّتي تَقْصُرُ مِيَاهُ الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا، وَلاَ تَجِدُ جَدَاوِلُ الاَْنْهَارِ ذَرِيعَةً إِلى بُلُوغِهَا، حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَاب تُحْيِي مَوَاتَهَا، وَتَسْتَخْرِجُ نَبَاتَهَا، أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِهَ، وَتَبَايُنِ قَزَعِهِ. حَتَّى إِذَا تَمَخَّضَتْ لُجَّةُ الْمُزْنِ فِيهِ، وَالْـتَمَعَ بَرْقُهُ فَي كُفَفِهِ، وَلَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ، وَمُتَرَاكِمِ سَحَابِهِ، أَرْسَلَهُ سَحّاً مُتَدَارَكاً، قَدْ أَسَفَّ هَيْدَبُهُ، تَمْرِيهِ الْجَنُوبُ دِرَرَ
أَهَاضِيبِهِ، وَدُفَعَ شَآبِيبِهِ.

فَلَمَّا أَلْقَتِ السَّحابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا،وَبَعَاعَ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ مِنَ الْعِبْءِ الْـمَحْمُولِ عَلَيْهَا، أَخْرَجَ بِهِ مِنْ هَوَامِدِ الاَْرْضِ النَّبَاتَ، وَمِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الاَْعْشابَ،فَهِيَ تَبْهَجُ بِزِينَةِ رِيَاضِهَا،وَتَزْدَهِي بِمَا أُلْبِسَتْهُ مِنْ رَيْطِ، أَزَاهِيرِهَا، وَحِلْيَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ
أَنْوَارِهَا، وَجَعَلَ ذلِكَ بَلاَغاً لِلاَْنَامِ، وَرِزْقاً لِلاَْنْعَامِ، وَخَرَقَ الْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا، وَأَقَامَ المَنَارَ لَلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا.
فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَهُ، وَأَنْفَذَ أَمْرَهُ، اخْتَارَ آدَمَ(عليه السلام)، خِيرَةً مِنْ خَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ
أَوّلَ جِبِلَّتِهِ وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَهُ، وَأَوْعَزَ إِلَيْهِ فِيَما نَهَاهُ عَنْهُ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ فِي الاِْقْدَامِ عَلَيْهِ التَّعرُّضَ لِمَعْصِيَتِهِ، وَالْـمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِهِ; فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاهُ عَنْهُ ـ مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِهِ ـ فَأَهْبَطَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِيَعْمُرَ أَرْضَهُ بِنَسْلِهِ، وَلِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بهِ عَلَى عِبَادِهِ، ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ، مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ رُبُوبِيَّتِهَ، وَيَصِلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ، بَلْ تَعَاهَدَهُمْ بَالْحُجَجِ عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَمُتَحَمِّلِي وَدَائِعِ رِسَالاَتِهِ، قَرْناً فَقَرْناً; حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله) حُجَّتُهُ، وَبَلَغَ الْمَقْطَعَ عُذْرُهُ وَنُذُرُهُ، وَقَدَّرَ الاْرْزَاقَ فَكَثَّرَهَاوَقَلَّلَهَا،وَقَسَّمَهَا عَلَى الضِّيقِ والسَّعَةِ فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ مَنْ أَرَادَبَمَيْسُورِهَا وَمَعْسُورِهَا، وَلِيَخْتَبِرَ بِذلِكَ الشُّكْرَ والصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وَفَقِيرِهَا، ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ فَاقَتِهَا، وَبِسَلاَمَتِهَا طَوَارِقَ آفَاتِهَا، وَبِفُرَجِ أَفْرَاحِهَا غُصَصَ أَتْرَاحِهَا.

وَخَلَقَ الاْجَالَ فَأَطَالَهَا وَقَصَّرَهَا، وَقَدَّمَهَا وَأَخَّرَهَا، وَوَصَلَ بَالْمَوْتِ أَسْبَابَهَا، وَجَعَلَهُ خَالِجاً لاَِشْطَانِهَا، وَقَاطِعاً لمَرائِرِأَقْرَانِهَا.
عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ، وَنَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ، وَخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ، وَعُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ، وَمَسَارِقِ إِيمَاضِ الْجُفُونِ، وَمَا ضَمِنَتْهُ أَكْنَانُ الْقُلُوبِ، وَغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ، وَمَا أَصْغَتْ لاِسْتِرَاقِهِ مَصَائِخُ الاَْسْمَاعِ، وَمَصَائِفُ الذَّرِّ، وَمَشَاتِي الْهَوَامِّ، وَرَجْعِ الْحَنِينِ مِنْ الْمُولَهَاتِ، وَهَمْسِ الاَْقْدَامِ، وَمُنْفَسَحِ الـثَّمَرَةِ مِنْ وَلاَئِجِ غُلُفِ الاَْكْمَامِ، وَمُنْقَمَعِ الْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ الْجِبَالِ وَأَوْدِيَتِهَا، وَمُخْتَبَاَ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ الاَْشْجَارِ وَأَلْحِيَتِهَا، وَمَغْرِزِ الاَْوْرَاقِ مِنَ الاَْفْنَانِ، وَمَحَطِّ الاَْمْشَاجِ مِنْ مَسَارِبِ الاَْصْلاَبِ، وَنَاشِئَةِ الْغُيُومِ وَمُتَلاَحِمِهَا، وَدُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ في مُتَرَاكِمِهَا، وَمَا تَسْقِي الاَْعَاصِيرُ بِذُيُولِهَا، وَتَعْفُو الاَْمْطَارُ بِسُيُولِهَا، وَعَوْمِ بَنَاتِ الاَْرضِ فِي كُثْبَانِ الرِّمَالِ، وَمُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الاَْجْنِحَةِ بِذُرَا شَنَاخِيبِ الْجِبَالِ، وَتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الاَْوْكَارِ، وَمَا أوْعَتْهُ الاَْصْدَافُ، وَحَضَنَتْ عَلَيْهِ أَمْوَاجُ الْبِحَارِ، وَمَا غَشِيَتْهُ سُدْفَةُ لَيْل، أَوْ ذَرَّ عَلَيْهِ شَارِقُ نَهَار، وَمَا اعْتَقَبَتْ عَلَيْهِ أَطْبَاقُ الدَّيَاجِيرِ، وَسُبُحَاتُ النُّورِ، وَأَثَرِ كُلِّ خَطْوَة، وَحِسِّ كُلِّ حَرَكَة، وَرَجْعِ كُلِّ كَلِمَة، وَتَحْرِيكِ كُلِّ شَفَة، وَمُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَة، وَمِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّة، وَهَمَاهِمِ كُلِّ نَفْس هَامَّة، وَمَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَة، أَوْ ساقِطِ وَرَقَة، أَوْ قَرَارَةِ نُطْفَة، أوْ نُقَاعَةِ دَم وَمُضْغَة، أَوْ نَاشِئَةِ خَلْق وَسُلاَلَة.
لَمْ تَلْحَقْهُ فِي ذلِكَ كُلْفَةٌ، وَلاَ اعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ، وَلاَ اعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ الاُْمُورِ وَتَدَابِيرِ الْـمَخلُوقِينَ مَلاَلَةٌ وَلاَ فَتْرَةٌ، بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ، وَوَسِعَهُمْ عَدْلُهُ، وَغَمَرَهُمْ فَضْلُهُ، مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ.

اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِيلِ، وَالتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ، إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُول، وَإِنْ تُرْجَ فأَكْرَمُ مَرْجُوٍّ.
اللَّهُمَّ وَقَدْ بَسَطْتَ لي فِيَما لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ، وَلاَ أُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ وَمَوَاضِعِ الرِّيبَةِ، وَعَدَلْتَ بِلِسَاني عَنْ مَدَائِحِ الاْدَمِيِّينَ، وَالثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ الْـمَخْلُوقِينَ.
اللَّهُمَّ وَلِكُلِّ مُثْن عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاء، أَوْ عَارِفةٌ مِنْ عَطَاء; وَقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ.
اللَّهُمَّ وَهذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ، وَلَمْ يَرَ مُستَحِقّاً لِهذِهِ الَْمحَامِدِ وَالْمَمادِحِ غَيْرَكَ، وَبِي فَاقَةٌ إِلَيْكَ لاَ يَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلاَّ فضْلُكَ، وَلاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا إِلاَّ مَنُّكَ وَجُودُكَ، فَهَبْ لَنَا فِي هذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ، وَأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الاَْيْدِي إِلَى مَن سِوَاكَ، (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)!

,,,اللهم صلي على محمد وال محمد الطاهرين,,,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wrood.ahlamountada.com
 
من خطب امير المؤمنين عليه السلام,خطبة الأشباح,
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ضربة امير المؤمنين علي عليه السلام
» جرح أمير المؤمنين علي عليه السلام
» فضل زيارة امير المؤمنين علي " عليه السلام"
» سأل أحدهم أمير المؤمنين عليه السلام
» خطبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، عند ظهوره بعد فريضة العشاء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ورود الأمل :: ..:: المنتديات الإسلامية ::.. :: منتدى أهل البيت ( عليهم السلام)-
انتقل الى: