ما هي طريقة التغيير في اليوم الموعود؟
ونصل في النهاية إلى السؤال الأخير من الأسئلة التي عرضناها، وهو السؤال عن الطريقة التي يمكن أن نتصور من خلالها ما سيتم على يد ذلك الفرد من انتصار حاسم للعدل وقضاء على كيانات الظلم المواجهة له؟
والجواب: المحدد على هذا السؤال يرتبط بمعرفة الوقت والمرحلة التي يقدر للإمام المهدي (عليه السلام) أن يظهر فيها على المسرح وإمكان افتراض ما تتميز به تلك المرحلة من خصائص وملابسات لكي ترسم في ضوء ذلك الصورة التي قد تتخذها عملية التغيير والمسار الذي قد تتحرك ضمنه، وما دمنا نجهل المرحلة ولا نعرف شيئاً عن ملابساتها وظروفها فلا يمكن التنبؤ العلمي بما سيقع في اليوم الموعود وإن أمكنت الافتراضات والتصورات التي تقوم في الغالب على أساس ذهني لا على أسس واقعية عينية.
وهناك افتراض أساسي واحد بالإمكان قبوله على ضوء الأحاديث التي تحدثت عنه والتجارب التي لوحظت لعمليات التغيير الكبرى في التاريخ، وهو افتراض ظهور المهدي (عليه السلام) في أعقاب فراغ كبير يحدث نتيجة نكسة وأزمة حضارية خانقة.
وذلك الفراغ يتيح المجال للرسالة الجديدة أن تمتد وهذه النكسة تهيئ الجو النفسي لقبولها، وليست هذه النكسة مجرد حادثة تقع صدفة في تاريخ الحضارة الإنسانية وإنما هي نتيجة طبيعية لتناقضات التاريخ المنقطع عن الله ـ سبحانه وتعالى ـ التي لا تجد لها في نهاية المطاف حلاً حاسماً فتشتغل النار التي لا تبقي ولا تذر ويبرز النور في تلك اللحظة ليطفئ النار ويقيم على الأرض عدل السماء.
وسأقتصر على هذا الموجز من الأفكار تاركاً التوسع فيها وما يرتبط بها من تفاصيل إلى الكتاب بالقيم الذي أمامنا، فإننا بين يدي موسوعة جليلة في الإمام المهدي (عليه السلام) وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة البحاثة السيد محمد الصدر ـ حفظه الله تعالى ـ ( وهو الشهيد المرجع آية الله السيد محمد صادق الصدر) وهي موسوعة لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي (عليه السلام) في إحاطتها وشمولها لقضية الإمام المنتظر من كل جوانبها، وفيها من سعة الأفق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات ما يعبر عن الجهود الجليلة الذي بذلها المؤلف في إنجاز هذه الموسوعة الفريدة، وإني لأحس بالسعادة وأنا أشعر بما تملأه هذه الموسوعة من فراغ وما تعبر عنه من فضل ونباهة وألمعية وأسأل المولى ـ سبحانه وتعالى ـ أن يقر عيني به ويريني فيه علماً من أعلام الدين.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وقد وقع الإبتداء في كتابة هذه الوريقات في اليوم الثالث عشر من جمادى الثانية، سنة 1397 هـ، ووقع الفراغ منها عصر اليوم السابع عشر من الشهر نفسه.
والله ولي التوفيق.