نظرة نقدية للاتفاقية الامنية
الجزء الثاني
ثمة أمور غريبة تجري على العراق والعراقيين ....ومشاريع تشهد تصعيد بين الفينة والأخرى لتنتهك قوى المواطن المسكين وتسلبه ما تبقى من حقوق...فمن مشاكل معاناة قلة الخدمات الى فساد ورشا مستشري في دوائر الدولة كافة وعلى مستوى مناصب ريادية ...الى قرارات غير مدروسة متخبطة من سياسيو العراق ومتنصبوا الدفة ؛ وأخرها قضية التصويت على الاتفاقية الأمنية والذي قيل انه سيكون في شهر حزيران القادم من هذا العام ، بعد ما أثيرت قبل هذا وواجهت رفض وكذا قبول لبعض الإطراف السياسية ، وللأمانة التاريخية التي تحتم علينا بيان الأمر الجلي وكشف اللثام وإبراز الصورة الواضحة لهذه الاتفاقية أمام الشعب العراقي العريق ... نطرح هذه السطور لجعل الاتفاقية الأمنية او ما تسمى اتفاقية الانسحاب في ميزان النقد لتكون الصورة واضحة بعد ذلك للجميع ...بادئ الأمر ان الاتفاقية الأمنية او اتفاقية الانسحاب تعني بقاء وإبقاء للقوات المحتلة لان تصريحات رئيس دولة أمريكا أشارت الى ذلك بوضوح قبل التوقيع ...وذلك من خلال الضغط على المفاوض والمسئولين العراقيين وبين لهم انهم بين خياريّن اما القبول او انه سيسحب قواته فوراً من ارض العراق ...وهذا يعني حسب فرضه ان القضية محصورة بين أمرين . الانسحاب الفوري او التوقيع والقبول وإبقاء تلك القوات المحتلة ...وألان هل عرفنا أنها اتفاقية أبقاء ليس الا . وأيضا ذُكر في مسودة الاتفاقية التي كشفتها صحيفة الاندبندنت في 5 حزيران، معلومات تنطوي على آثار خطيرة تطال سيادة العراق ومستقبله. فهي تمنح القوات الأمريكية 50 قاعدة عسكرية والسيطرة على الأجواء العراقية، والحصانة القانونية لجميع القوات الأمريكية إضافة إلى المتعاقدين المرتزقة، وصلاحية اعتقال المواطنين العراقيين دون الرجوع إلى السلطات العراقية.وكذا في الاتفاقية اللغو وذلك لان كما أوردنا ان الانسحاب حاصل على كل حال حسب تصريحات الرئيس الأمريكي اوباما بعد ان صرح انه سيسحب قواته من العراق وكرر في مواقف وموارد جمة هذا القول ...ولو رجعنا الى أيام التوقيع على الاتفاقية فانه لم يبقى حينذاك إلا ايام قليلة حتى يستلم الرئيس اوباما مهامه ويعلن بذلك خطته في الانسحاب ...فاي معنى واي جوهر يترتب على توقيع اتفاقية الانسحاب ( هذا ان صح فرض ان هناك انسحاب ) وايضا هذه الاتفاقية تعني ظلم الشعب العراقي واستغفاله وضياع أبناءه ومقدراته ...لان الكلام وأساسه كان في الجانب العسكري فقط وفقط ...لكن بقيت أبواب الاحتلالات الاقتصادية والثقافية وغيرها . والاتفاقية الامنية تعني التناقض بل التناحر والاختلاف فيما بين الاطراف لانها ظهرت بنسختين العربية والانكليزية وفي الترجمة الى الانكليزية تغيرت معاني كثيرة وبشهادة بعض ساسة العراق ...وهذه الأخطاء من شاءنها إن تجر الاتفاق للطرف الأمريكي الذي أخفى النسخة الانكليزية ولم يعرضها للان ... حيث ذكرت صحيفة انترناشونال هيرالد تربيون International Herald Tribune إن الحكومة الأمريكية ترفض نشر المعاهدة الأمنية التي أمضتها مع العراق؛ وايضا احتواء هذه الاتفاقية بغموض ترجمتها الى مصطلحات مطاطية كما في الدستور العراقي وتأويلات على اساس المصالح وهكذا هو الحال ...وللعلم حتى بعض من رفض الاتفاقية يريد بذلك انتهاز الفرصة للحصول على بعض المصالح الحزبية والتي ليس لها علاقة ودخل بالاتفاقية ولا ببنودها وفقراتها ...يعني هي مساومة لو أعطيتموني كذا فاني سأكون من الموافقين على اتفاقيتكم ...والاتفاقية الأمنية تعني جيوش من العاطلين عن العمل بل وتأصيل البطالة بين ربوع شباب العراق ..فستجر القوات الأمريكية معها مرادفاً وملازماًَ الشركات الامنية من قبيل شركة بلاك ووتر التي يعني إسمها بالعربية (الماء الأسود) والتي قتلت العراقيين امام أنظار العالم اجمع والان شركة تريبل كانوبي التي يعني إسمها بالعربية (الغطاء الثلاثي) . فمن حق كل شاب عراقي ان يسال اليس من حق الشباب ان يحصلوا على فرص عمل خاصة لأصحاب الشهادات وغيرهم ممن يملك الرغبة في خدمة العراق ...لماذا لا نحتضن ذوي الاختصاصات من خريجي الجامعات ممن التحقوا بالجيش والشرطة من اجل توفير لقمة العيش.الاتفاقية الأمنية تعني تدخل دول الجوار لان الاتفاقية أشارت الى ان قوات الاحتلال لا تستخدم العراق وارض العراق كمنطلق لضرب دول أخرى ومنها دول الجوار طبعاً الا في حالات الدفاع عن النفس .....لاحظوا دققوا في الاستثناء ( الدفاع عن النفس) وهم أي قوات الاحتلال يقولون ان حربهم على العراق وأفغانستان وغيرها من الدول هو من اجل الدفاع عن النفس ...فمع هذا وذاك ضاعت مقدرات العراق ونهبت ثرواته وانهكت قواه ...ولنطرح الان مادة من مواد الاتفاقية وليسال كل عراقي نفسه ويفكر في الامر فقد جاء في المادة ( الثانية عشرة ) الولاية القضائية:
1- للعراق الحق الأولى لممارسة الولاية القضائية على افراد قوات الولايات المتحدة وافراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسمية المتعمدة وطبقا للفقرة (
حين ترتكب تلك الجرائم خارج المنشات والساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجب)) انظر يا شعبي أيها المثقفون الواعون ايها الكتاب ...ان هذه القضية وتصعيدها في الإعلام المأجور التابع لهذه الجهة او تلك ...ما هي الا ضحك على الذقون ...ففي ابسط تفكير ووفق ما حصل من تلاعب الألفاظ تتضح بالنتيجة انه لا سلطة فوق سلطة الاحتلال البغيض. اذن كيف ينطبق ما ذكر أعلاه في الفقرة ...ولنسال سؤال ما هي الشروط التي يجب ان تتحقق لكي يمارس العراقيين الولاية القضائية على المحتلين ..الجواب كلا وألف كلا لا يوجد احتمال لتحقيق الشرط...لاحظ أيها العراقي الشروط :
1- ان تكون الجناية جسيمة
2- ان تكون الجناية متعمدة ( طبعا لم يذكر معنى العمد وحدوده ومن يشخصه)
3-ان تكون الجناية خارج المنشاة والساحات المتفق عليها .
4- ان تكون الجناية خارج حالة الواجب ...
لنفرض انه حصل الاتفاق على تطبيق الشروط الثلاث الأولى ...لكن يبقى الشرط الرابع لا يمكن تحقيقه فالكل يعلم ان جنود الاحتلال لم يقطعوا تلك المسافات ويعبرون البحار من اجل اللعب والتنزه بل هم يعتقدون أنهم خرجوا ويخرجون في واجب بل عندهم واجب وطني ...وهل سمع أحدكم يوما ان هناك جندي قتل ولم يلف بالعلم الأمريكي ...ولم يعتبروه شهيداً...وعلى هذا الأساس فان الجرائم سترتكب كما في سجن أبي غريب لأنهم في واجب ..وكذا قبائح انتهاك الإعراض كما مع شهيدة المحمودية عبير ، وكذا الاعتداء على المقدسات وانتهاك حرمة القران الكريم وغيرها ...لا ينالهم أي حساب ولا أي عقاب ولا سلطة قضائية عراقية أيضا لها ولاية عليهم ...وان الاتفاقية الأمنية هي مخالفة لاتفاقيات جنيف بشان المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمقرة عام 1980 حيث منعت دولة الاحتلال من عقد إي اتفاقية مع الدولة المحتلة،حيث وصف مجلس الأمن أمريكا وبريطانيا بالدول المحتلة في أول قرار دولي له في أيار 2003م ولم يزيل هذا الوصف عنهما في القرارات اللاحقة....وفي الختام نقول ان المرجعية الدينية غير راضية على الاتفاقية الأمنية ...فان إمضاء الاتفاقية كان في الأشهر الأخيرة من سنة ( 2008) بينما تصريح مراجع الدين في النجف الاشرف القاضي بعدم الرضا على العملية السياسية وما ترشح ويترشح عنها كان في نهاية الشهر الأول من سنة ( 2009) فعدم الرضا بطبيعة الحال يشمل الاتفاقية الأمنية المشار اليها ...هذه بيان واضح وجلي لكل تلك المخاطر التي تحيط بنا كعراقيين في حال إقرار وتوقيع تلك الاتفاقية المزعومة والتي يقال انه سيكون في الشهر السادس ...فأين المفكرين وأين الكتاب وأين العراقيين المخلصين النجباء عن بيان هذه المخاطر الجسام والأهوال التي ستفتك بالعراق وشعبه المظلوم الجريح .