بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
من أهم تكاليفنا في زمان الغيبة هو انتظار الفرج وهو من أعظم العبادات كما جاء عن أمير المؤمنين (ع) عن رسول الله أنه قال: ( أفضل العبادة انتظار الفرج ) (9)، وعنه أيضاً قال: ( أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج ) .
ولكن ما معنى انتظار الفرج المذكور في الأحاديث الشريفة؟
نحن نعلم أن المرء إذا كان ينتظر قدوم ضيوف أعزاء عليه فإنه يهيأ نفسه لهم بلبس أحسن الملابس والتطيب بأفخر أنواع الطيب وغير ذلك من تنظيف البيت وتهيئة الطعام والشراب والضيافة وما ينبغي تقديمه للضيوف الأعزاء، وكذلك المزارع الذي ينوي زراعة شجر ما وينتظر الحصول منه على أفضل الثمار فإنه يهيئ الأرض بحرثها وتسميدها وما يتطلب الزراعة من أمور قبل قيامه بعملية الزرع المنشودة.
إذاً انتظار الفرج يتطلب منا عمل ما يتوجب علينا القيام به، وليس القعود في البيت فقط وانتظار خروج الإمام المهدي المنتظر (ع) كما يتوهم البعض، ولانتظار الفرج عدة معاني وقد ذكرها السيد محمد صادق الصدر (قدس) في موسوعته عن الإمام المهدي وهي كالتالي : -
الانتظار القلبي:
بمعنى تهيئة النفس لقدوم الإمام المهدي وتوقع الظهور في أي وقت وبالتالي التسليم المطلق للإمام في حال ظهوره والاستعداد الكامل لتطبيق عدل الإمام على الشخص نفسه وتجهيز النفس لنصرته والجهاد بين يديه.
المساهمة الفعالة:
أي المساهمة في إيجاد شرائط الظهور ( التي ذكرناها سابقاً ) والعمل لأجل خروج الإمام بالتمهيد لذلك قدر الاستطاعة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
إصلاح الشخص نفسه:
أي الالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الشرعية في سائر العلاقات والمعاملات والعبادات.
الصبر على المحن والبلاء:
حيث أن عصر الغيبة الكبرى يتميز بتعاظم الجور والظلم والفساد بشكل ملحوظ.
لذلك جاء الكثير من الأحاديث التي تؤكد على مبدأ الصبر وتحث عليه وخصوصاً في زمن الغيبة وتتحدث عن عظم أجر الصابرين كما في الأحاديث التالية.
عن الرسول قال: ( إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم )
فالمؤمن المترقب لفرج إمامه المنتظر يلاقي صعوبات كثيرة لتكذيب الناس له بوجود هذا الإمام المغيب، كما يلاقي صعوبات كثيرة لقيامه بواجباته الرسالية بعكس ذلك الشخص الجالس في بيته يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه بشيء.
ولذلك حينما سمع الامام الصادق عليه السلام () بعض أصحابه يتذاكرون جماعة منهم وقد ماتوا ولم يدركوا زمان القائم وهم يتحسرون على ذلك قال لهم: ( من مات منكم وهو منتظرا لهذا الأمر كان كمن هو مع القائم في فسطاطه، ثم قال: لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (صل الله عليه واله وسلم) بالسيف - وفي رواية أخرى كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله -وسلم