بحث من مجلة الانتظار الصادرة عن مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف.
معركة هرمجدون الفاصلة
بحث: حسن عبد الأمير الظالمي
باحث ومحرر في مجلة الانتظار
المقدمة:
كثر الحديث في نهاية القرن الماضي وبدايات القرن الحالي عن معركة هرمجدون ـ أو الملحمة الفاصلة ـ كما يسميها المسلمون ـ وأخذت وسائل الاعلام الغربي تبث البرامج المنظمة عن هذه المعركة، تقول الكاتبة الأمريكية (جريس هالسل) في كتابها: (النبوءة والسياسة): (أظهرت دراسة لمؤسسة سن لنسن نشرت في اكتوبر 1985 أن واحداً وستين مليون أمريكي يستمعون بانتظام إلى مذيعين يبشرون على شاشات التلفزيون الأمريكي بقرب وقوع معركة هرمجدون، وبأنها ستكون معركة نووية، وأن الشعوب المسيحية يجب أن تستعد لخوض هذه المعركة الرهيبة).
وفي استطلاع للرأي أجراه الواعظ الأمريكي (هول لندساي): (أثبت أن 72.5% من المسيحيين الأمريكيين أكدوا أنهم يعتقدون أن الحرب قادمة وستؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى وقوع معركة هرمجدون).
كما وقد ساهم بعض الساسة الأمريكان في هذا التصعيد كما هو الحال في عهد الرئيس الأسبق ريكان الذي صرّح خمس مرات باعتقاده بقرب حلول معركة هرمجدون والرئيس الحالي بوش الذي يعتقد بقرب العودة الثانية للمسيح إلى الأرض.
ويرجع بعض العلماء المسلمين هذا التصعيد الاعلامي والتبشيري في الغرب إلى تكثيف هجرة اليهود إلى فلسطين ومنع الموجودين فيها من الهجرة المعاكسة إلى بلدانهم واغرائهم بأن المسيح سيخوض معركة كبرى لصالحهم وسيحكم العالم ألف سنة وانهم سيعيشون آمنين مستقرين).
الموقع الجغرافي للمعركة:
يقول قاموس الكتاب المقدس للدكتور بطرس عبد الملك ص99:
تقع مجدون في مرج ابن عامر، وزاد في قيمتها الاستراتيجية أنها تقع على خط المواصلات بين القسمين الشمالي والجنوبي من فلسطين.
وهرمجدون: كلمة عبرية مكونة من مقطعين، هر أو هار: بمعنى جبل، مجدون: اسم وادٍ في فلسطين يقع في مرج ابن عامر على بعد 55 ميلاً شمال تل أبيب و20 ميلاً جنوب شرق حيفا وعلى بعد 15 ميلاً من شاطيء البحر المتوسط، وتعرف مجدون الآن باسم (تل المتسلم) وكلمة هرمجدون: بمعنى جبل مجدون.
وجاء في قاموس يانج للكتاب المقدس ص 62:
هذه الكلمة لموقع معركة اليوم الأعظم للرب القادر حسب النص (في اليوم العظيم، يوم الرب القدير، فجمعهم في المكان الذي يدعى بالعبرية هرمجدون وهذه الكلمة تعني جبال مجدون في الوادي الكبير بمدينة مجدون القديمة حيث دارت معارك الأزمنة الغابرة، وهي تشير إلى معركة شرسة مدمرة ستدور رحاها في ذلك الوادي (وادي يزرعيل).
وتوضح خارطة فلسطين: إن سهل يزرعيل عبارة عن وادٍ مسطح ممتد من جميع طرق حيفا على البحر المتوسط مروراً بمجدو في طريقه الى يزرعيل حيث ينحدر بعد ذلك إلى أسفل (بيت شان) التي تقع تحت مستوى سطح البحر في وادي الأردن حيث يفصل هذا الوادي منطقة الجليل الجبلية في الشمال عن منطقة الريف بالهضبة المركزية في الجنوب).
الموقع التاريخي للمدينة:
جاء في سفر الرؤيا ص16 ما يلي: (لقد شهد هذا المكان عدة حروب وقد دمرت المدينة وأعيد بناؤها في غضون عشرين عاماً، وتوجد هذه المدينة حالياً التي كانت إحدى أهم مدن سليمان والملك آخاب على انقاض المدينة القديمة وتحمل نفس الاسم (هرمجدون) والتي ـ كما يقول البعض ـ ستشهد يوم حساب الرب لهذا العالم).
ويضيف الكاتب مال لنديسي في كتابه كوكب الأرض العظيم الراحل:
(هناك في تاريخ الكتاب المقدس معارك دامية لا تعد، دارت رحاها بهذه المنطقة ويقال: إن نابليون قد وقف بهضبة مجدو ناظراً إلى الوادي متذكراً هذه النبوءة وقال: جميع جيوش العالم باستطاعتها أن تتدرب على المناورات للمعركة التي ستقع هنا).
ويربط البهائي كارلوتاجيزن بين هذه المعركة والأحداث التي تدور حالياً على الساحة الدولية فيقول:
(ان معركة هرمجدون هي معركة دينية بين الاسرائيليين والمسيحيين والمسلمين، والاحداث التي تدور في العالم وبصفة خاصة منذ عام 1991 تمهد المسرح الدولي لمعركة هرمجدون، كما أن المسائل والقضايا الراهنة تشير بوضوح إلى أن هذه المعركة ستحدث عن قريب).
المعركة عند اليهود والمسيح:
يستند اليهود الى النص العبري الوارد في سفر الرؤيا/ 16 بأن المعركة المسماة (معركة هرمجدون) ستقع في الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون في أرض فلسطين وان المسيح سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ويحققون النصر على المسلمين، والنص كما يلي:
(ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير ـ الفرات ـ فنشف ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك الذين من مشرق الشمس، ورأيت من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم يوم الله القادر على كل شيء، ها أنا آت كلص، طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً، فجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون).
كما جاء في سفر يوحنا اللاهوتي إشارة لهذه الحرب يقول:
(إن القتال الذي سيكون في يوم الرب سيكون في جبل هرمجدون).
وقد ذهب بعض المسيحيين أن النبي عيسى عليه السلام سيحارب اليهود والمسلمين معاً في هذا اليوم (فقد ورد في الاصحاح الثاني من سفر أشعياء: إنه في آخر الأيام سيظهر النبي المنتظر وسيحارب اليهود الكافرين والأمم الكافرة في يوم الرب على أرض هرمجدون في الساعة التي قال عنها المسيح عليه السلام انه لا يعلمها إلاّ الله وحده).
يتبع ..