الإرهاب وتكميم الأفواه توأمان سياميان لايمكن الفصل بينهما. هذا ما تُظهره الأحداث المأساوية الأخيرة التي شهدتها العاصمة بغداد وعددٌ من المدن العراقية الأخرى وأكده ايضاً سلوك النائب الأول لرئيس مجلس النوّاب الشيخ خالد العطية عندما أمر بإخراج الصحفيين الموجودين تحت قبة البرلمان من الجلسة الإستثنائية هذا اليوم الجمعة 21 آب.
فبدلاً من أفساح المجال لممثلي السلطة الرابعة لتغطية أعمال الجلسة وإيصال تفاصيلها الى المواطنين العراقيين سارع الشيخ العطية الى إصدار أمره بإبعادهم مما يعني إن الشيخ العطية لم يكن يريد للمواطن العراقي أن يعرف بعض التفاصيل النوعية المهمة التي قد تبدد الغموض الذي يلّف الموقف الراهن. ومن حقنا أن نسأل إن كان من حق الشيخ العطية أن يفعل ذلك؟ الجواب هو كلا. فليس هناك نص في النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي ولا من التقاليد الغضّة للمجلس الذي مازال يحبو إضفاء طابع السريّة على جلسةٍ ما قبل تصويت أعضاء المجلس على ذلك، وهذا لم يحصل في الجلسة الإستثنائية اليوم. فلم يقترح أحدٌ بدء جلسة سريّة ولم يصوّت أحدٌ لعدم وجود مايستلزم ذلك.
المشكلة الأكبر كانت في نتائج تلك الجلسة التي قيل إنها إستثنائية، فقد كانت على حدّ وصف أحد أعضاء مجلس النوّاب الحاضرين: لاتُغني ولاتسمن من جوع. وإن السادة الوزراء ممن إستضافهم مجلس النواب زادوا الطين بلّة وإنهم أظهروا الفوضى التي تعيشها القوى الأمنية والأكثر من ذلك إن الوزراء بينوّا من خلال خطاباتهم أمام أعضاء المجلس الذين لم يزدّ عددهم على ستين عضواً عدم وجود ستراتيجية أمنية حقيقية فاعلة والإفتقار الى التنسيق بين قيادات الأجهزة الأمنية.
ويبدو إن الشيخ العطية يعرف ذلك جيداً وإنه لايريد ربما كشف المستور، الذي لم يعد مستوراً، فقد رأيناه بأعيننا إن في الشارع أم على شاشات التلفزيون.
بعد كلّ هذا أصبح بحكم المؤكدّ إن هناك من له مصلحة بوجود هذا الإرهاب وإن بعض أطراف العملية السياسية إستمرأت أعمال الإرهاب التي تصيب أبناء الخايبة دون سواهم في حين إن السادة المسؤولين يتمّ حمايتهم جيداً من مخالب الإرهاب الذي ينهش أجساد العراقيين وترسلهم الى الموت زرافاتٍ ووحدانا.
إن هذا الإرهاب أصبح طريقاً سهلاً لمن يسمون أنفسهم النخب السياسية لفرض الأمر الواقع والتحكم بحياة العراقيين وحاضرهم ومستقبلهم وسنّ قوانين وسياسات لتحجيم حرياتهم وسلب حقوقهم الدستورية، وهو مايسعون إليه اليوم دون خوفٍ أو خجل.
لذلك فمن حقنا أن نسأل أولئك الذين تسلقوا على أكتاف العراقيين وجراحهم لم لا يسارعوا الى إقامة تماثيل ونُصب في الساحات العامة ومداخل المدن العراقية لتكريم الإرهابيين بدلاً من ملاحقتهم. فلولا الإرهاب والإرهابيين لما بقيّ احدٌ منهم في الحُكم بعد سنوات من التقاعس والإهمال والفساد ولما تمكنوا من فرض الأمر الواقع علينا، فهم والأرهاب الأعمى حصانان يجرّان عربة العراق الى هاوية الدمار والفقر والتقسيم.