لاشك إن ما يمر به العراق حالة نادرة واقصد شكل النظام السياسي الذي ترتكز عليه الدولة في الوقت الحاضر فالنظام السياسي كان وليدا لإرهاصات الاحتلال الأمريكي وما نتج عن هذا الاحتلال من سياسات كارثية أدت به في النتيجة أن يصل العراق إلى طريق مسدود , فالمعاناة وسوء الخدمات والفساد الإداري والمالي وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعلمية أضف إلى ذلك احتدام الصراع على أرضه من قبل الدول الإقليمية متجليا ذلك بقوة مولدا الإرهاب الدموي الأعمى الذي مازال يحصد الأرواح البريئة ويفتك بالأجساد المنهكة .جاءت كل تلك الأحداث المأساوية التي لا يبدو لها نهاية كنتيجة طبيعية للسياسات القسرية الخاطئة التي انتهجها الاحتلال منذ الاجتياح ولحد هذه اللحظة , فالتغيير الذي كان منتظرا من قبل الشعب العراقي وآماله قي الخلاص من استبداد الدكتاتورية المقيتة جاء مخيبا للآمال فالخريطة السياسية والاقتصادية التي وضعها الاحتلال لم تأخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب العراقي أبدا بل كانت مصلحة الاحتلال تأتي في المرتبة الأولى فالاحتلال أيا يكن ليس في أجندته خيارات لصالح الدولة المغلوب على أمرها وهذه هي طبيعته بغض النظر عن مسمى الاحتلال أو نوعه , فكان الاحتلال الأمريكي قد وضع مشاريعا وخططا يهدف من خلالها تكريس احتلاله والبقاء لأطول فترة وبأقل الخسائر وبأكثر ربحية ممكنة فكان مشروع الدستور الذي اقر على عجل وما فيه من ثغرات وألغام ظهرت آثارها بعد مرور مدة قصيرة ومشروع الطائفية والمحاصصة وغيرها الكثير .. فكانت النتائج السلبية الوخيمة واستمرار المعاناة وتعقد الأوضاع واتساع الهوة وتتسارع وتيرة التدهور وفقدان الحلول وبطء العلاجات انعكس سلبا على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد مما أدى إلى تراكمها ليؤثر أيضا على مصداقية المشروع السياسي وفقدان المواطن الثقة بمؤسسات الدولة بل إن المواطن قد اعرض ونأى بجانبه عن أي مشروع سياسي تقوم به الدولة وهذا ما لاحظناه من عزوف أكثر المواطنين في المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات السابقة ..
وهذا ما يبدو وما يريده ويخطط له السياسيون الآن لزعزعة ثقة المواطن بالعملية السياسية برمتها لإبعاد أي حراك أو نشاط سياسي وطني تقوم به أي جهة وطنية لإنقاذ الموقف فيصعب عليها الحل أو تلمس طريقها نحو الجماهير كما قلنا بسبب فقدان الثقة من قبل المواطن والشارع العراقي لعدم قدرته على التمييز بسبب كثرة الوعود التي لم تتحقق وكثرة الكذب والنفاق السياسي والسبب الثاني هو التهميش والإقصاء التي تمارسه الجهات المتنفذة وتحكمها وهيمنتها واستحواذها على القرار . ولكن ارض العراق المعطاء كانت ولا زالت دائما تحمل المفاجئات وان معين الوطنيين الذين يحملون هموم شعبهم على عاتقهم لا ينضب فجاء ائتلاف العمل والإنقاذ الوطني في هذا اليوم 5 9 2009 ميلادا وموقفا أعجبني وبهرني أنا شخصيا فضلا عن المئات الذين حضروا المؤتمر التأسيسي الذي عقد في فندق فلسطين في بغداد . هل ولد اليوم ائتلافا حقيقيا يحمل بين طياته أطيافا متعددة من أبناء شعبنا ؟ هل انبثق اليوم الخيار الحقيقي لأبناء هذا الشعب الذين أرهقهم الانتظار ؟ نعم أكاد اجزم على ذلك فهؤلاء الرجال الوطنيون الذين آلوا على أنفسهم حب الشعب والدفاع عنه وعن مقدراته ونبذهم لمشاريع الطائفية والمحاصصة والتوافقات ودعوتهم إلى الوحدة ونبذ التفرقة لاغين كل الاعتبارات الجانبية المعبرة عن انتماءاتهم الفكرية والثقافية مندكين في احتضان التكليف الوطني مرتبطين مع أبناء هذا الوطن ارتباطا روحيا وأخلاقيا وتاريخيا فلا يبقى أمام هذا الشعب سوى الالتفاف حول هذا الائتلاف المبارك ومساندته إلى النهاية لأنه هو الخيار الحقيقي وهو الفرصة التاريخية للتغيير الصحيح ضد التغيير الخاطئ الذي لم يجني منه الشعب سوى الويلات والدمار ولإيقاف عجلة الفساد الإداري والمالي الذي نخر مرافق الدولة وللهتاف بكل الحناجر أن كفى , كفى .. تنحوا جانبا ودعوا الوطنيين يأخذوا دورهم , فالعراق ملكا للشعب وليس ملكا لأحد بعينه وأخيرا نقول في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح ..